وَلَقَدْ صَرَّفْنا أي ردّدنا وكرّرنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ أي من كل معنى هو كالمثل في الحسن والتقريب والإقناع، مبينين لهم الحجج والبراهين القاطعة، موضّحين لمهم الحق، ومبسّطين لهم إياه بصيغة وبأخرى وبأخرى، ومع هذا فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً أي جحودا للحق وردا للصواب، الموضوع الواحد كرّر عليهم بشكل ثم بشكل ثم بشكل، وفي كل مرّة تقوم الحجة، وتتضح المحجة، وينقطع الجدل بالحق الواضح، ومع ذلك يقابل هذا كله بالجحود، وبدلا من الإسلام والاستسلام للحق الواضح يقترحون الآيات، وما هم بمؤمنين ولو جاءت. ومن ثم عرض الله علينا في هذا السياق ما اقترحه الكافرون- في زعمهم- ليؤمنوا، بعد أن تبيّن إعجاز القرآن، وانضمّت إليه معجزات كثيرة، ولزمتهم الحجة، وغلبوا فعل المبهوت المحجوج المتحير المتكبر، يفر من حجة طالبا غيرها تعجيزا
وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً أي عينا غزيرة من شأنها أن تنبع بالماء لا تنقطع
* أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أي قطعا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا أي كفيلا بما تقول، شاهدا بصحته، أو مقابلا نراهم ليشهدوا لك، أو جماعة ليشهدوا لك، لم يكتفوا هنا بطلب الملائكة بل يطلبون رؤية الله والملائكة، وأن يسمعوا شهادتهم وشهادته سبحانه وتعالى مباشرة
أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أي من ذهب أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ أي تصعد إليها وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ أي ومجرد الصعود لا يكفي لإيماننا، بل لا بد من شئ آخر وهو: حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ أي كتابا من السماء فيه تصديقك. قال مجاهد فيها: أي مكتوب فيه إلى كل واحد واحد صحيفة (هذا كتاب من الله لفلان بن فلان) تصبح