لا يدرك مداه. قال ابن كثير:(قال طلق بن حبيب: التقوى: أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، مخافة عذاب الله) وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ قال ابن كثير: أي لا تسمع منهم ولا تستشرهم إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً أي فهو أحقّ أن تتّبع أوامره وتطيعه فإنّه عليم بعواقب الأمور، حكيم في أقواله وأفعاله
وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ أي من قرآن وسنة إِنَّ اللَّهَ الذي أوحى إليك كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً أي لا تخفى عليه خافية من أعمالكم
وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ في جميع أمورك وأحوالك وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا أي واكتف بالله وكيلا أي حافظا موكولا إليه كل أمر، أو المعنى: وكفى به وكيلا لمن توكّل عليه وأناب إليه.
[كلمة في السياق]
إن مجموع الأوامر التي صدرت لرسول الله صلّى الله عليه وسلم ولأمته من خلال شخصه الكريم في هذه الآيات هي التقوى، وترك طاعة الكافرين والمنافقين، واتّباع الوحي، والتوكل، والصلة بين هذه الأوامر واضحة. فالتقوى لا تكون مع طاعة الكافرين والمنافقين. إذ الكافرون والمنافقون يرغبون أن يحرفوا المؤمنين. والتقوى واتباع الوحي متلازمان كما ورد في أول آية من سورة البقرة الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ والتقوى وترك طاعة الكافرين والمنافقين واتّباع الوحي كلها تحتاج إلى توكل على الله، وتفويض أمر له ومعرفة له. ومن ثمّ جاء الأمر بالتوكل، وجاء قوله تعالى:
وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً وإِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً وإذ استقرّت هذه المعاني يبدأ السياق بهدم قاعدة التبنّي المتعارف عليها عند العرب، والتي كانت عميقة عندهم، والتي سيترتب على هدمها قيل وقال، فناسب ذلك أن يسبق الكلام عنها هذه المقدّمة، وتلك إحدى حكم وجود هذه المقدّمة، هذا وإن لهذه المقدّمة صلة بمحور سورة الأحزاب من سورة البقرة، فقد رأينا أنّه قد جاء في مقدمة سورة البقرة ذكر المتقين والكافرين والمنافقين. ثم جاء قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا
أي لتكونوا من الفئة الأولى. وهاهنا يأتي الأمر بالتقوى، وترك طاعة الكافرين والمنافقين، ويأتي الأمر باتّباع الكتاب، وبالتوكّل، وكل ذلك يخدم قضية التفصيل في موضوع التقوى والطريق إليها، وإذا كانت السور الأربع السابقة على سورة الأحزاب قد فصّلت في