أَصْنامٍ لَهُمْ أي يواظبون على عبادتها قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً أي صنما نعكف عليه كَما لَهُمْ آلِهَةٌ أي أصنام يعكفون عليها. قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ لما كان هذا عجيبا منهم بعد ما رأوا من الآيات العظمى، وصفهم بالجهل المطلق وأكده
إِنَّ هؤُلاءِ أي: عبدة تلك التماثيل مُتَبَّرٌ أي مهلك من التبار ما هُمْ فِيهِ أي ما هم فيه هالك ومهدوم وأنا أول من يريد إهلاكه فكيف أقلدهم فيه وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ أي ما عملوه من عبادة الأصنام باطل مضمحل
قالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً أي أغير المستحق للعبادة أطلب لكم معبودا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ أي على عالمي زمانهم
وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ أي واذكروا إنجاء الله إياكم من فرعون وقومه فكيف تشركون معه غيره يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ أي يبغونكم شدة العذاب من سام السلعة إذا طلبها يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ أي: في الإنجاء أو في العذاب بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ أي نعمة أو محنة، لأن كلمة بلاء من أسماء الأضداد، فإذا أعدنا الإشارة على الإنجاء كان المراد بها النعمة، وإذا أعدناها على العذاب كان المراد بها المحنة.
[فوائد]
١ - روى الإمام أحمد عن أبي واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين فمررنا بسدرة فقلت: يا نبي الله اجعل لنا هذه ذات أنواط، كما للكفار ذات أنواط، وكان الكفار ينوطون (أي يعلقون) سلاحهم بسدرة ويعكفون حولها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«الله أكبر، هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة إنكم تركبون سنن من قبلكم».
٢ - وبمناسبة هذه الآية يذكر النسفي أن يهوديا قال لعلي رضي الله عنه: اختلفتم بعد نبيكم قبل أن يجف ماؤه (يظهر أن المراد ماء القبر الذي يرش عليه حين الدفن لتسويته) فقال ردا عليه: قلتم: اجعل لنا إلها ولم تجف أقدامكم.
وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أي ما وقت له من الوقت وضرب له أَرْبَعِينَ لَيْلَةً أي تم بالغا هذا العدد وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ أي عند ما ذهب لميقات ربه اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي أي كن خليفتي فيهم وَأَصْلِحْ أي ما يجب أن يصلح من أمور بني إسرائيل وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ أي ومن دعاك منهم إلى الإفساد فلا تتبعه ولا تطعه.