للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أصاب الأمم الظالمة،

بعد هذا كله وصف الله المؤمنين الخلص وما أعد لهم فقال وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ أي في التناصر والتراحم، فهم يد على من سواهم، يتناصرون فيما بينهم، ويحاربون من عداهم، ونعوذ بالله من حال أهل عصرنا، فقد أصبح أبناء المسلمين بعضهم أعداء بعض، كل ينصر طبقة من طبقات الكفر والنفاق والفسوق يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ يحبون المعروف ويأمرون به، ويكرهون المنكر وينهون عنه، ونعوذ بالله من حال لا يدعى فيه إلى خير، ولا ينهى فيها عن شر وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ في كل ظرف، وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ لأهلها، ونعوذ بالله من حال تقام بها الصلاة على الكسل والظرف، وتؤدى الزكاة- إن أديت- لغير أهلها وَيُطِيعُونَ اللَّهَ في كتابه وَرَسُولَهُ في أمره وسنته أُولئِكَ أي من اتصف بهذه الصفات سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ في الدنيا والآخرة، ومن رحمته إياهم في الدنيا أن يؤلف بين قلوبهم. ومن رأى حال المسلمين في عصرنا في تقصير عامة أفرادهم بمجموع هذه الصفات، عرف سبب تردي أحوالهم وكثرة اختلافهم. إن علينا أن نراعي في تربية أنفسنا وغيرنا التحقق بمجموع هذه الصفات، ووجود السين في قوله تعالى سَيَرْحَمُهُمُ يفيد وجود الرحمة لا محالة إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ أي غالب على كل شئ، قادر عليه، فهو يقدر على الثواب والعقاب حَكِيمٌ أي واضع كلا من الثواب والعقاب موضعه

وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً أي يطيب فيها العيش لحسنها وما فيها فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ أي إقامة، وعدن: اسم مدينة في الجنة على القول الراجح وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ أي وشئ من رضوان الله أكبر من ذلك كله، لأن رضاه سبب كل فوز وسعادة ذلِكَ إشارة إلى ما وعد أو إلى الرضوان هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ دون ما يعده الناس فوزا، وهكذا بدأ المقطع في خطاب المؤمنين، وانتهى بوصف المؤمنين الخلص، وما أعده الله لهم.

[فوائد]

١ - في هذه المجموعة والمجموعات التي قبلها تحددت المعالم الكثيرة للشخصية المؤمنة، والشخصية المنافقة، وتحديد معالم الشخصية المنافقة يأتي بين يدي الأمر الأول في المقطع اللاحق، الذي يأمر بجهاد الكافرين والمنافقين، وتحديد معالم الشخصية المؤمنة يأتي في سياق الأمر بالنفير؛ ليعرف من هم هؤلاء الذين يستجيبون للنفير في سبيل الله، وهي معان يحتاجها القائد، ويحتاجها المسلم، وعلى المربين أن يلاحظوها.

<<  <  ج: ص:  >  >>