اسم الله تعالى، وإضلالهم البشر بغير علم، وهدّدهم بأنّه هو الأعلم باعتدائهم وكذبهم وافترائهم؛ وسيجازيهم عليه.
- ثمّ أمر الله تعالى عباده أن يتركوا معصيته في السرّ والعلانية، قليلها وكثيرها، مبيّنا أن الذين يعملون الآثام- سواء كانت ظاهرة أو خفية- سيجزيهم على أعمالهم، وفي ذكر هذه الآية في هذا السياق تهديد لمن يضلّون بأهوائهم، ولمن يخالفون أمر الله في أكل ما لم يذكر اسم الله عليه.
- ثمّ نهى الله- عزّ وجل- نهيا جازما عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه من الذبائح، وعن أكل ما لم يذبح أصلا من أنواع الميتات، مبيّنا أنّ ذلك فسوق عن أمر الله، ومخالفة لأمره، وإذ يكثر جدال الكافرين في هذا المقام؛ لأنهم لا يفرقون بين ما ذكر اسم الله عليه وما لم يذكر، ولا يفرّقون بين الميتة والذبيحة، متناسين أنّه لا فارق بين الإنسان وبين الحيوان من حيث إن لكل روحا، وأنّ الله الذي أباح للإنسان أن يزهق روح الحيوان أباح ذلك له بشرط ذكر اسمه عليه، فإذ يكثر جدال الكافرين في هذا المقام بيّن الله- عزّ وجل- أنّ الشياطين يوحون إلى من يطيعونهم بمختلف الحجج من أجل أن يجادلوا المسلمين، ثمّ هدّد الله المسلمين أنّهم إن أطاعوهم في ما يريدونهم عليه فإنهم مشركون حين يعدلون عن أمر الله إلى قول غيره، ويقدمونه عليه.
ولو أنّنا تأمّلنا قوله تعالى: شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وقوله تعالى: وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ فإننا نجد الصلة بين مجموعة الآيات التي بين أيدينا وبين التي قبلها. كما نرى أن هذه المجموعة نموذج ومثال على مجموعة أمور لها علاقة
في السياق الجزئي. فهي نموذج على وساوس الشيطان وأوليائه فيما يخالف شرع الله والرضا بحكمه، وهي نموذج على ما تقتضيه العبودية لله الذي خلق لنا ما في الأرض جميعا، فاقتضى ذلك أن نلتزم أمره في الانتفاع بما خلق بالطريق الذي حدده.
[ولنعد إلى السياق]
فبعد هذه الجولة في موضوع الهداية والضلال وبعض متعلقاتهما يضرب الله مثلا للمؤمن الذي كان ميتا- اي في الضلالة هالكا- فأحياه الله أي أحيا قلبه بالإيمان، وهداه له، ووفّقه لاتّباع رسله، وجعل له نورا يمشي به في النّاس فيهتدي كيف يسلك وكيف