٧ - بمناسبة قوله تعالى في الكافرين: فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ* عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ قال ابن كثير: كما قال الإمام أحمد في أهل الأهواء:
فهم مخالفون للكتاب، مختلفون في الكتاب، متفقون على مخالفة الكتاب. أقول:
فالكافرون معرضون عن الحق، فارون من الالتفاف حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، متفرقون فيما بينهم فرقا شتى كل فرقة تجتمع على شئ من الباطل.
٨ - بمناسبة قوله تعالى: عِزِينَ قال ابن كثير: (وقال الثوري وشعبة وعبثر بن القاسم وعيسى بن يونس ومحمد بن فضيل ووكيع ويحيى القطان وأبو معاوية كلهم ... عن جابر بن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم وهم حلق فقال:«ما لي أراكم عزين؟» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن جرير من حديث الأعمش به.
وروى ابن جرير ... عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم حلق حلق فقال:«ما لي أراكم عزين؟» وهذا إسناده جيد، ولم أره في شئ من الكتب الستة من هذا الوجه). أقول: هذا يشير إلى أن الأصل في الإسلام هو الاجتماع.
[كلمة أخيرة في سورة المعارج]
تحدثت سورة الحاقة عن القيامة، وجزاء المكذبين بها، وحال الناس فيها، وأكدت أن القرآن حق، وجاءت سورة المعارج لتبين أن هناك مكذبين باليوم الآخر، وحددت لرسول الله صلى الله عليه وسلم الموقف من هؤلاء، وكل ذلك رأيناه، فصلة سورة المعارج على هذا بسورة الحاقة- التي هي مقدمة هذه المجموعة- واضحة. والملاحظ أن سورة الحاقة حدثتنا عن عذاب المكذبين باليوم الآخر في الدنيا والآخرة، وجاءت سورة المعارج لتحدثنا عن عذاب المكذبين باليوم الآخر في الآخرة فقط، ثم تأتي سورة نوح لتحدثنا عما أصاب أمة مكذبة من عذاب في الدنيا. والملاحظ أن سورة الحاقة والمعارج ونوح، وكذلك سورة الجن كلها تفصل في مقدمة سورة البقرة كما رأينا وسنرى.
فسورة المعارج تأخذ محلها في مجموعتها، ومحلها من تفصيل مقدمة سورة البقرة، فلننتقل إلى الكلام عن سورة نوح.