أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ من الأصنام والأنداد لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ أي: هو لا يدعو إلى عبادة نفسه، لا في الدنيا ولا في الآخرة فكيف تعبدونه؟! أو ليس له استجابة دعوة في الدنيا ولا في الآخرة، فكيف تدعون من لا يستطيع استجابة دعاء من دعاه وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللَّهِ أي: وإن رجوعنا إليه في الدار الآخرة، فيجازي كلّا بعمله وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ أي: خالدين فيها بإسرافهم، وهو شركهم بالله عزّ وجل
فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ أي: من النصيحة عند نزول العذاب. أي: سوف تعلمون صدق ما أمرتكم به، ونهيتكم عنه، ونصحتكم ووضحت لكم، وتتذكرونه وتندمون حيث لا ينفعكم الندم وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ أي: وأتوكل على الله وأستعينه، وأقاطعكم وأباعدكم، أو وأسلّم أمري إلى الله إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ أي: بأعمالهم ومآلهم. أي: هو بصير بهم تعالى وتقدّس، فيهدي من يستحق الهداية، ويضلّ من يستحقّ الإضلال، وله الحجة البالغة، والحكمة التامّة، والقدر النافذ
فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا أي: شدائد مكرهم، وما همّوا به من إلحاق أنواع العذاب بمن خالفهم، دلّ ذلك على أنّهم أرادوا الإيقاع به، ولكنّ الله نجاه وَحاقَ أي: ونزل بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ وهو الغرق في اليمّ، ثم النقلة منه إلى الجحيم، فإن أرواحهم تعرض على النار صباحا ومساء إلى قيام الساعة.
فإذا كان يوم القيامة اجتمعت أرواحهم وأجسادهم في النار، ولهذا قال: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا أي: في هذين الوقتين يعذّبون في النار، وفيما بين ذلك، إما أن يعذبوا بجنس آخر، أو ينفّس عنهم، ويجوز أن يكون المراد بذلك الدوام. وهذه الآية دليل على عذاب القبر. قال ابن كثير: وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبور وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ أي: أشدّه ألما وأعظمه نكالا.
كلمة في السياق:[حول صلة قصة مؤمن آل فرعون بمحور السورة]
نلاحظ أن الله عزّ وجل عقّب على إنذار مؤمن آل فرعون بقوله: فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ وهذا يدل على أنّهم لم ينتفعوا بإنذاره، ولذلك صلته بمحور السورة. من سورة البقرة: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ