للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جل جلاله) في ظاهرة الحدوث- فهو عزّ وجل قادر على إعادته. ومن ثمّ فهو قادر على إعادة البشر، ومن ثمّ فهم راجعون إليه، فإذا استقر ذلك، وقامت الحجة يحدثنا الله عزّ وجل الآن عن مآل الكافرين المجرمين، ثم عن مآلهم ومآل المؤمنين:

وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ أي ييئس ويتحيّر، ويفتضح ويكتئب الْمُجْرِمُونَ أي المشركون

وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ أي من الذين عبدوهم من دون الله شُفَعاءُ أي ما شفعت فيهم هذه الآلهة التي كانوا يعبدونها من دون الله تعالى، وكفروا بهم وخذلوهم أحوج ما كانوا إليهم وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ أي يكفرون بآلهتهم ويجحدونها يوم القيامة، أو وكانوا في الدنيا كافرين بسبب هذه الآلهة المزعومة

وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ أي يتفرق الناس إلى مسلمين وكافرين. قال قتادة: هي والله الفرقة التي لا اجتماع بعدها، يعني: إنّه إذا رفع هذا إلى عليين، وخفض هذا إلى أسفل سافلين فتلك الفرقة

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ أي في جنة يُحْبَرُونَ أي يسرون. قال مجاهد وقتادة أي: ينعمون. وقال يحيى بن أبي كثير: يعني سماع الغناء. قال ابن كثير: والحبرة أعمّ من هذا كله

وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ أي بالبعث فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ أي مقيمون لا يغيبون عنه ولا يخفف عنهم، ثم لما ذكر الوعد والوعيد أتبعه بذكر ما يوصل إلى الوعد وينجي من الوعيد

فَسُبْحانَ اللَّهِ المراد بالتسبيح ظاهره الذي هو تنزيه الله عن السوء، والثناء عليه بالخير في هذه الأوقات لما يتجدّد فيها من نعم الله الظاهرة. أو المراد بالتسبيح الإشارة إلى الصلوات في هذه الأوقات فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ دخل في ذلك صلاة المغرب والعشاء وَحِينَ تُصْبِحُونَ أي في صلاة الفجر

وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ حقا له على المميزين كلهم من أهل السموات والأرض أن يحمدوه وَعَشِيًّا أي صلاة العصر وَحِينَ تُظْهِرُونَ أي صلاة الظهر

يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ أي يخرج النطفة من الغذاء الذي أصله تراب وهواء، أو يخرج المؤمن من الكافر وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ كالخلايا الميتة من الجسد الحي أو الكافر من المؤمن وَيُحْيِ الْأَرْضَ بالنبات بَعْدَ مَوْتِها أي يبسها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ أي ومثل ذلك الإخراج تخرجون من قبوركم، والمعنى: إن الإبداء والإعادة يتساويان في قدرة من هو قادر على إخراج الميت من الحي وعكسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>