ومن حكم إراءته عليه الصلاة والسلام الآيات في الإسراء والمعراج أن يرى حقيقة ما يدعو إليه.
فهو يدعو إلى الإيمان بالله. ويقال على رأي راجح أنه رأى الله في معراجه، وهو يدعو إلى الإيمان بالرسل، وقد اجتمع بهم، وصلّى بهم، ورأى بعضهم، وهو يدعو إلى
الإيمان بالغيب، وقد رأى السموات، ورأى الجنة والنار، ورأى الملائكة والبيت المعمور وسدرة المنتهى، وغيرها من الغيوب.
ج- دلّت أحاديث الإسراء والمعراج- وهي متواترة- على وجود سماوات سبع، فوقها عرش الرحمن، وهذا القسم لا شك في كون الروايات تثبته، ومن ثم فإن من أنكر وجود السموات السبع، والعرش، متأولا أو جاحدا، فهو إما على كفر، أو ضلال.
فمن ذهب إلى أن المراد بالسماوات هذه الكواكب والنجوم والمجرات مخطئ خطأ عظيما، ونحن في هذا التفسير نحاول أن نثبت أن السموات ترد في القرآن ويراد بها هذه المجرات والنجوم، وأن السماء ترد ويراد بها جو الأرض، وأن السموات ترد ويراد بها هذه السموات التي كان إليها المعراج، والذي نرجحه أنها سماوات غيبية مغيبة، فهي من حيث الوجود موجودة، ولكن وجودا غيبيا كوجود الجن والملائكة والنار.
٢ - [روايات بمناسبة قوله تعالى عن نوح عليه السلام إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً]
بمناسبة تسمية الله نوحا عليه السلام إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً قال ابن كثير: وقد ورد في الحديث وفي الأثر عن السلف أن نوحا عليه السلام كان يحمد الله على طعامه وشرابه ولباسه وشأنه؛ فلهذا سمّي عبدا شكورا.
روى الطبراني ... عن سعد بن مسعود الثقفي قال: إنما سمّي نوح عبدا شكورا لأنه كان إذا أكل أو شرب حمد الله. وروى الإمام أحمد ... عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة أو يشرب الشربة فيحمد الله عليها». وهكذا رواه مسلّم والترمذي والنسائي من طريق أبي أسامة به، وقال مالك عن زيد بن أسلم: كان يحمد الله على كل حال، وقد ذكر البخاري هنا حديث أبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم:«أنا سيد ولد آدم يوم القيامة».
بطوله، وفيه «فيأتون نوحا فيقولون يا نوح إنك أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وقد سماك الله عبدا شكورا فاشفع لنا إلى ربك». وذكر الحديث بكماله.