اتجاه، واتجاه آخر يقول: للخائف الإنسي جنتان وللخائف الجني جنتان. قال ابن كثير: وهذه الآية عامة في الإنس والجن، فهي من أول دليل على أن الجن يدخلون الجنة إذا آمنوا واتقوا، ولهذا امتن الله على الثقلين بهذا الجزاء، ومقام الله هو موقف العبد الذي يقفه بين يدي الله للحساب يوم القيامة، ومما قيل في تفسير الجنتين في قوله تعالى: وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ ما ذكره الألوسي: (فقيل: إحداهما منزله ومحل زيارة أحبابه له، والأخرى منزل أزواجه وخدمه، وإليه ذهب الجبائي، وقيل:
بستانان: بستان داخل قصره وبستان خارجه، وقيل: منزلان ينتقل من أحدهما إلى الآخر لتتوفر دواعي لذته، وتظهر ثمار كرامته، وأين هذا ممن يطوف بين النار، وبين حميم آن؟
[كلمة في السياق]
رأينا أن محور السورة هو قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ... والتقوى هي الخوف من مقام الله عزّ وجل، فكأن الآية التي مرت معنا تقول: (وللمتقين جنتان) ومن ثم نعلم صلة ما سيأتي من السورة بمحورها، فالسورة من الآن فصاعدا تتحدث عما أعده الله للمتقين، وتقسم المتقين إلى درجتين عليا ودنيا.
...
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فلا تشكران بأن تعبدا وتتقيا لتنالا جنتي الله ونعيمه الأخروي، كما نلتم نعيمه الدنيوي، وتكرار فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ في هذا السياق تذكير بنعم الله الأخروية، وكأن السورة بعد أن عرضت نعم الله التي تحس بها البداهة في الدنيا جعلت نعم الله الأخروية في حكم البديهية، ومن ثم تعددها وتنكر على الثقلين أن يكذبا بها.
ذَواتا أَفْنانٍ أي: هاتان الجنتان ذواتا أغصان، قال النسفي: وخص الأفنان لأنها هي التي تورق وتثمر، فمنها تمتد الظلال، ومنها تجتنى الثمار. قال ابن كثير في تفسير الأفنان: أي أغصان نضرة حسنة تحمل من كل ثمرة نضيجة فائقة
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما الدنيوية أو الأخروية تُكَذِّبانِ فلا تشكران بأن تعبدا الله وتتقياه في الدنيا لتنالا نعيمه الأخروي
فِيهِما أي: في الجنتين عَيْنانِ تَجْرِيانِ قال النسفي: حيث شاءوا في الأعالي والأسافل، وعن الحسن تجريان بالماء الزلال إحداهما التسنيم، والأخرى السلسبيل، قال ابن كثير: أي تسرحان