للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لديه مثقال ذرة يوم القيامة. فأعطاهم الله مقابل اعترافهم بأنهم عبيده وأنهم إليه راجعون في الدار الآخرة أن رحمهم وأمنهم وهداهم.

أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ أي تعطف وحنو. وَرَحْمَةٌ أي: أمنة من العذاب. وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ إلى الطريق الصواب وذلك حين استرجعوا وأذعنوا لأمر الله. قال عمر رضي الله عنه: نعم العدلان ونعم العلاوة أي: الصلاة والرحمة والاهتداء.

[فوائد]

١ - قال تعالى هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ، ظلمات الشهوة والشك والشرك والكفر والنفاق والحيرة وغير ذلك. وقد جعل الله عزّ وجل مما لو فعلناه صلى علينا ما رأينا في هذه الآيات عند ما ذكر المسترجعين عند المصيبة، الصابرين عليها فإنه يصلي عليهم فلنحصل هذا المقام.

٢ - ورد في الاسترجاع آثار كثيرة منها: أخرج الإمام أحمد عن أم سلمة قالت:

«أتاني أبو سلمة رضي الله عنه يوما من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا سررت به، قال: لا يصيب أحدا من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته ثم يقول: اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها، إلا فعل ذلك.

قالت أم سلمة: فحفظت ذلك منه. فلما توفي أبو سلمة استرجعت وقلت: اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها. ثم رجعت إلى نفسي فقلت من أين لي خير من أبي سلمة؟. فلما انقضت عدتي استأذن علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أدبغ إهابا لي.

فغسلت يدي من القرظ وأذنت له. فوضعت له وسادة أدم حشوها ليف. فقعد عليها فخطبني إلى نفسي، فلما فرغ من مقالته، قلت يا رسول الله: ما بي أن لا يكون بك الرغبة، ولكني امرأة في غيرة شديدة، فأخاف أن ترى مني شيئا يعذبني الله به، وأنا امرأة قد دخلت في السن. وأنا ذات عيال. فقال صلى الله عليه وسلم: وأما ما ذكرت من الغيرة فسوف يذهبها الله عزّ وجل عنك، وأما ما ذكرت من السن فقد أصابني مثل الذي أصابك، وأما ما ذكرت من العيال فإنما عيالك عيالي».

<<  <  ج: ص:  >  >>