الاستفادة منها بتذليله سبحانه وتعالى وتسخيره فَمِنْها رَكُوبُهُمْ أي ما يركب وَمِنْها يَأْكُلُونَ أي سخّرناها لهم ليركبوا ظهرها ويأكلوا لحمها. قال ابن كثير:
(جعلهم يقهرونها وهي ذليلة لهم لا تمتنع منهم. بل لو جاء صغير إلى بعير لأناخه، ولو شاء لأقامه وساقه وذاك ذليل منقاد معه، وكذا لو كان القطار مائة بعير أو أكثر لسار الجميع بسير الصغير). وهي مع هذا للركوب والأكل
وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ من الجلود والأوبار وغير ذلك وَمَشارِبُ أي: من ألبانها طازجة ومخثرة أَفَلا يَشْكُرُونَ الله فيوحّدونه ويتّبعون رسله ويعملون بأمره ويجتنبون نهيه بدلا من أن يشركوا
وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ أي لعل آلهتهم تنصرهم إذا حزبهم أمر
لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ قال ابن كثير:(أي لا تقدر الآلهة على نصر عابديها، بل هي أضعف من ذلك وأقلّ وأذلّ وأحقر وأدحر، بل لا تقدر على الاستنصار لأنفسها ولا الانتقام ممن أرادها بسوء لأنها جماد لا تسمع ولا تعقل) وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ قال قتادة: والمشركون يغضبون للآلهة في الدنيا وهي لا تسوق إليهم خيرا ولا تدفع عنهم شرا. إنما هي أصنام. أي إن المشركين أعطوا الأصنام الجندية الكاملة؛ متصورين أن هذه الآلهة تنصرهم وليس الأمر كذلك، فلو أنهم أعطوا هذه الجندية الكاملة لله الذي يملك النصر ويملك النّفع والضرّ لكان هذا هو الصراط المستقيم. قال النسفي في الآية:(أي الكفار للأصنام أعوان وشيعة يخدمونهم ويذبّون عنهم، أو اتخذوهم لينصروهم عند الله، ويشفعوا لهم، والأمر على خلاف ما توهّموا حيث هم يوم القيامة جند معدّون لهم محضرون لعذابهم، لأنهم يجعلون وقود النار)
فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ أي تكذيبهم لك وكفرهم بالله. قال النسفي: يعني فلا يهمّك تكذيبهم وأذاهم وجفاؤهم إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ من عداوتهم وَما يُعْلِنُونَ وإنا مجازوهم عليه فحق مثلك أن يتسلّى بهذا الوعيد، ويستحضر في نفسه صورة حاله وحالهم في الآخرة، حتى ينقشع عنه الهمّ ولا يرهقه الحزن. قال ابن كثير:(أي نحن نعلم جميع ما هم فيه وسنجزيهم وصفهم، ونعاملهم على ذلك، يوم لا يفقدون من أعمالهم جليلا ولا حقيرا، ولا صغيرا ولا كبيرا. بل يعرض عليهم جميع ما كانوا يعملون قديما وحديثا).
[كلمة في السياق]
بعد أن وعظهم الله عزّ وجل وذكّرهم في المجموعة الأولى بمجموعة أمور كما رأينا.