عند الله) للتأكيد ولزيادة: كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها وهذا أصل في تكرير العلماء في كتبهم لا يخلون المكرر من فائدة، ومعنى (كأنك حفي عنها) أي كأنك مبالغ في السؤال عنها لأن من بالغ في المسألة عن الشئ أو التنفير عنه استحكم علمه فيه، وأصل هذا التركيب المبالغة. ومنه إحفاء الشارب. والمعنى الدقيق يسألونك عنها كأنك حفي أي عالم بها. وما كان للرسول صلى الله عليه وسلم أن يتكلف وهو في ذروة الأدب مع الله في شئ لا يعلمه إلا الله، واقتضت حكمته ألا يطلع عليه أحدا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ أنه المختص بالعلم بها
قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ هذا أمر لرسول الله أن يظهر العبودية والبراءة عن دعوى ما يختص بالذات الإلهية من علم الغيب. والمعنى قل أنا عبد ضعيف لا أملك لنفسي اجتلاب نفع ولا دفع ضرر كالمماليك إلا ما شاء الله مالكي من النفع لي والدفع عني وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ أي المستقبل لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ أي لكانت حالي على خلاف ما هي عليه من استكثار الخير واجتناب السوء والمضار حتى لا يمسني شئ منها، ولم أكن غالبا مرة ومغلوبا أخرى في الحروب، ولأعددت من الخصب إلى الجدب وأمثال ذلك إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ أي إن أنا إلا عبد أرسلت نذيرا وبشيرا وما من شأني أن أعلم الغيب فأنا بشير ونذير لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ فإنهم وحدهم تنفع فيهم النذارة والبشارة
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ هي نفس آدم عليه السلام وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها حواء خلقها من جسد آدم من ضلع من أضلاعه لِيَسْكُنَ إِلَيْها أي ليطمئن ويميل لأن الجنس إلى الجنس أميل خصوصا إذا كان بعضا منه، كما يسكن الإنسان إلى ولده ويحبه محبة نفسه لكونه بضعة منه فَلَمَّا تَغَشَّاها أي جامعها حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً أي خف عليها ولم تلق منه ما يلقى بعض الحبالى من الكرب والأذى ولم تستثقله كما يستثقلنه فَمَرَّتْ بِهِ أي فمضت به واستمرت إلى وقت ميلاده من غير نقصان ولا إجهاض. ويمكن أن يكون المراد بالحمل الخفيف النطفة، وبمرورها به قيامها وقعودها فَلَمَّا أَثْقَلَتْ أي فلما حان وقت ثقل حملها دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما أي دعا آدم وحواء ربهما ومالك أمرهما الذي هو الحقيق بأن يدعى ويلتجأ إليه لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً أي لئن وهبت لنا ولدا سويا قد صلح بدنه، أو ولدا ذكرا، أو ولدا متصفا بصفة الصلاح لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ لك نحن وهو ومن يتناسل من ذرياتنا
فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً أي أعطاهما ما طلباه من الولد الصالح السوي جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ الكلام هنا انتقل عن آدم وزوجه إلى ذريتهما رجلا وامرأة والمعنى