للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتضح لدينا كيف أن للسورة سياقها الخاص، وصلتها بمحورها، ومن قبل ذكرنا صلتها بما قبلها، وسنرى فيما بعد صلتها بما بعدها. وقد رأينا أن فيها جديدا كثيرا ككل سورة في القرآن.

[الفوائد]

١ - قدم ابن كثير لسورة التين بقوله: (قال مالك وشعبة عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في سفره في إحدى الركعتين بالتين والزيتون فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قراءة منه، أخرجه الجماعة في كتبهم).

٢ - يستدل القائلون بالتناسخ على هذا التناسخ المزعوم المشئوم الملعون بقوله تعالى: ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ ولا ندري كيف يستدل بهذه الآية على ذلك، مع العلم أن القول بالتناسخ إلغاء لموضوع الإيمان باليوم الآخر، بينما السورة تصب في التدليل على اليوم الآخر، والقرآن كله يصب في التدليل على اليوم الآخر، فكيف يستدل بآية على ما ينقض سورتها، وعلى ما ينقض القرآن كله، والقرآن لا يتناقض.

والقرآن يفسر بعضه بعضا، والقول بأن الآية تفيد التناسخ نقض للقرآن كله. فضلا عن أنه يجعل القرآن متناقضا، إن أئمة الإسلام مجمعون على أن هذه الآية ليس لها إلا تفسيران، فإما أنها في الآخرة، أو في الدنيا، فرده إلى أسفل سافلين إن كان في الدنيا، فذلك ما يحدث للإنسان من هرم وعجز وشيخوخة، وعلى هذا فالاستثناء في الآية التي تأتي بعد ذلك استثناء منقطع. ويكون المعنى كما قال النسفي: (أي: ولكن الذين كانوا صالحين من الهرمى والزمنى فلهم ثواب غير منقطع على طاعتهم وصبرهم على الابتلاء بالشيخوخة والهرم وعلى مقاساة المشاق والقيام بالعبادة).

هذا إذا فسرت الآية على أن المراد بها الدنيا، وإن كان المراد بها الآخرة فواضح، ولو أن إنسانا تأمل أدنى تأمل للسورة لرآها تنقض كلام الملحدين هؤلاء من وجوه كثيرة ويكفي أن نذكر ما يلي: قال تعالى: ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ. فإذا كانت المسألة تناسخا فإن الأجر يكون

ممنونا أي: مقطوعا: لأن الإنسان في دورة التناسخ سيموت، ولكنني أستدرك بعد هذا فأقول: إنما يفلح الخطاب مع أناس يعقلون وهؤلاء- والله- لا يعقلون.

٣ - بمناسبة قوله تعالى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ قال ابن كثير: (وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>