فيما أمركم به ونهاكم عنه فراقبوه في ذلك إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ أي البليغ في قبول التوبة على من تاب إليه رَحِيمٌ لمن رجع إليه واعتمد عليه. قال النسفي:(أي) واتقوا الله بترك ما أمرتم باجتنابه والندم على ما وجد منكم منه، فإنكم إن اتقيتم تقبل الله توبتكم، وأنعم عليكم بثواب المتقين التائبين.
قال الألوسي:(وقال ابن حجر عليه الرحمة: إنه تعالى ختم كلا من الآيتين بذكر التوبة رحمة بعباده وتعطفا عليهم، لكن لما بدئت الأولى بالنهي ختمت بالنفي في وَمَنْ لَمْ يَتُبْ لتقاربهما؛ ولما بدئت الثانية بالأمر في اجْتَنِبُوا ختمت به في وَاتَّقُوا اللَّهَ الخ وكان حكمة ذكر التهديد الشديد في الأولى فقط بقوله تعالى وَمَنْ لَمْ يَتُبْ الخ أن ما فيها أفحش؛ لأنه إيذاء في الحضرة بالسخرية أو اللمز أو النبز بخلافه في الآية الثانية فإنه أمر خفي؛ إذ كل من الظن والتجسس والغيبة يقتضي الإخفاء وعدم العلم به غالبا. انتهى، فلا تغفل).
ملاحظة:[حول موضوع الغيبة]
قوله تعالى وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فيه نهي عن أن يغتاب المؤمنون بعضهم بعضا، وبهذه المناسبة تبحث- عادة- غيبة الكافر؛ ولذلك قال الألوسي عند شرحه لهذه الآية: وسئل الغزالي عن غيبة الكافر فقال: هي في حق المسلم محذورة لثلاث علل: الإيذاء؛ وتنقيص خلق الله تعالى، وتضييع الوقت بما لا يعني. والأولى تقتضي التحريم، والثانية الكراهة، والثالثة خلاف الأولى. وأما الذمي فكالمسلم فيما يرجع إلى المنع عن الإيذاء، لأن الشرع عصم عرضه ودمه وماله. وقد روى ابن حبان في صحيحه أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال:«من سمّع يهوديا أو نصرانيا فله النار» ومعني سمّعه أسمعه ما يؤذيه، ولا كلام بعد هذا في الحرمة. وأما الحربي فغيبته ليست بحرام على الأولى، وتكره على الثانية، وخلاف الأولى على الثالثة، وأما المبتدع فإن كفر فكالحربي، وإلا فكالمسلم؛ وأما ذكره ببدعته فليس مكروها)
[كلمة في السياق]
١ - جاءت هاتان الآيتان بعد قوله إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ... لتحرما على المسلمين كل ما يؤدي إلى خدش، أو إضعاف، أو إزالة هذه الأخوة، ومما يؤكد