للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومسلم. فمعنى اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن في الآية: أي لا تعطونهن ما فرض لهن من الميراث، وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ أي: في أن تنكحوهن لجمالهن، أو عن أن تنكحوهن لدمامتهن وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ أي: اليتامى. كانوا في الجاهلية إنما يورثون الرجال القوامين بالأمور دون الأطفال والنساء. وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ القسط: العدل في الميراث والمال. والخطاب للأئمة في أن ينظروا لهم، ويستوفوا لهم حقوقهم وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيماً فيجازيكم به.

[فائدة]

هذه الآية من غوامض الآيات، وتحتاج إلى دقة فهم، ومزيد علم، فلينتبه القارئ للكلام عنها. في أول السورة: مر قوله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ ... ثم قال: وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً .. ثم ذكر بعد ذلك أحكام اليتامى، فهذا كله مما تلي علينا وله صلة بأحكام يتامى النساء عامة، وخلاصته أن اليتيمة إن شاء وليها أن يتزوجها تزوجها بمهر مثلها، وإن رغب عنها فعليه أن يزوجها إذا جاء طلابها. وحكمها في ما سوى ذلك حكم اليتامى عامة، وقد أمر الله بالقيام بالقسط لليتامى، مفصلا أحكام ذلك في أول سورة النساء، فمن ثم علمنا أن ما ورد في أول سورة النساء يوضحه ما في هذه الآية، إذ فيها تفصيل لصفات من كان الحديث عنهن في أول السورة. ففي أول سورة النساء، حكم يتيمات النساء واليتامى عامة.

وفي هذه الآية استفتاء عن أمور النساء عامة وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ فبين الله- عزّ وجل- أنه سيبين ما له علاقة بذلك، وأن ما تلاه في أول سورة النساء من أحكام اليتيمات واليتامى عامة مبين لبعض أمورهن. فما تلي من قبل، وما سينزله من بعد، كل ذلك جواب للاستفتاء في شأن النساء. نفهم من ذلك أنه ما من قضية من قضايا النساء إلا وقد أفتى الله بها فيما مر ويمر. ومن ثم تأتي الآيات الثلاث التالية توضح بعض أحكام النساء؛ تنفيذا لوعد الله في الإفتاء في شأن النساء.

إذن: فالآية تعرض أن الناس يستفتون في شأن النساء، والآية تبين أن ما أنزله الله، وما ينزله فيه بيان لكل ما له علاقة بهذا الشأن. وقد لخص الله ما أنزل في شأنهن ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>