للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ أكثر من رد عليهم:

١ - أنه لا وجه لمعاداة جبريل حيث نزل كتابا مصدقا للكتب بين يديه فلو أنصفوا لأحبوه، وشكروا له صنيعه في إنزاله ما ينفعهم ويصحح المنزل عليهم.

٢ - وفي الآية رد عليهم من حيث إنهم حاربوا جبريل لأنه ينزل بالحرب والشدة فقيل: فإنه ينزل بالهدى والبشرى أيضا ولكن للمؤمنين، فالمؤمنون يحبونه.

إنه من عادى جبريل فليعلم أنه الروح الأمين الذي نزل بالذكر الحكيم على قلب محمد صلى الله عليه وسلم مصدقا لما بين يديه من الكتب المتقدمة، وهدى لقلوب المؤمنين، وبشرى للمؤمنين بالجنة، فهو رسول ملكي من رسل الله عليهم الصلاة والسلام، ومن عادى رسولا فقد عادى جميع الرسل، ومن كفر برسول فإنه يلزمه الكفر بجميع الرسل، ومن عادى الله وملائكته ورسله من الملائكة والبشر فإنه يكون كافرا ويعاديه الله. وقد ذكر ابن كثير روايات كثيرة لها علاقة بالآية، إما في سبب نزولها، أو في شاهد على مضمونها حول ما كان يصرح به اليهود من عداوة لجبريل. منها ما رواه الإمام أحمد من جملة محاورة طويلة لليهود مع رسول الله صلى الله عليه وسلم «قالوا: إنه ليس من نبي إلا وله ملك يأتيه بالخبر فأخبرنا من صاحبك؟ قال: جبريل عليه السلام. قالوا: جبريل ذاك الذي ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا. لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والقطر والنبات لكان، فأنزل الله: قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ ... وفي قصة إسلام عبد الله بن سلام كما رواها البخاري أنه عليه الصلاة والسلام عند ما ذكر جبريل قال عبد الله ابن سلام: ذاك عدو اليهود من الملائكة، فقرأ عليه السلام هذه الآية، ونكتفي بهاتين الروايتين عما سواهما.

وإذ قامت عليهم الحجة على أنهم على باطل من خلال ما رأينا تأتي الآية الأخيرة في المجموعة جازمة بأن هذا الرسول قد أنزلت عليه المعجزات الواضحات، وأن الفاسقين عن أمر الله وحدهم هم الذين يكفرون بهذه المعجزات، وبالتالي فهم لا يؤمنون بالرسول صلى الله عليه وسلم ولا يتابعونه قال تعالى:

وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ أي معجزات واضحات وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ أي أنزلنا إليك يا محمد علامات واضحات دالات على نبوتك، وتلك الآيات هي هذا القرآن المعجز، وما حواه من معجزات، ونبوءات صادقات، ودقائق وخفايا لا يعلمها إلا الله، ومن ذلك ما حواه كتاب الله من خفايا علوم اليهود ومكنونات سرائر أخبارهم وأخبار أوائلهم من بني إسرائيل، والإخبار عما تضمنته

<<  <  ج: ص:  >  >>