للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتشاور بينهما فلا إثم عليهما في ذلك، زادا على الحولين، أو نقصا. وهذه توسعة بعد التحديد، والتشاور استخراج الرأي. وذكر التشاور في الآية، ليكون التراضي عن تفكر. فلا يضر الرضيع. واعتبر اتفاقهما. لأن للأب التبعة والولاية. وللأم الشفقة، والعناية. ويؤخذ منه أن انفراد أحدهما بذلك دون الآخر لا يكفي. ولا يجوز لواحد منهما أن يستبد بذلك من غير مشاورة الآخر. وهذا فيه احتياط للطفل، وإلزام للنظر في أمره. وهو من رحمة الله بعباده. وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ، فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِذا سَلَّمْتُمْ ما آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ: أي وإن أردتم حين عجز الأم، أو إبائها أن تسترضعوا المراضع أولادكم، فلا إثم عليكم إذا سلمتم هذه المراضع ما أردتم إيتاءه لهن من الأجرة بالمعروف الذي هو هنا طيب النفس، والسرور، وتسليم الأجرة للمرضع ابتداء مندوب، وليس شرط جواز. أو إذا سلمتم الأمهات أجورهن على ما مضى بالمعروف. وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ: فلا تخفى عليه أعمالكم، وهو مجازيكم بها. وهاهنا أمران. أمر بالتقوى وأمر بمعرفة الله. وهما متلازمان.

[فوائد]

١ - جاءت هذه الآية في سياق آيات الطلاق. فإذا فهمناها من خلال السياق.

فإن الآية تكون حديثا عن موضوع لا بد من حله، وهو موضوع الولد من حيث رضاعه، وتربيته: إن الأم المطلقة من شأنها أن ترضع ولدها حولين كاملين. وفي مقابل ذلك لها النفقة. وهذه النفقة تجب لها إذا كانت زوجة، أو معتدة بحكم الزوجية. أما بعد انفصام الزوجية، فبحكم قيامها على تربية الطفل، وانحباسها من أجل مصلحته.

والشورى، والرغبة الصالحة في الإحسان هما الأصل في العلاقة من أجل الطفل. وإذا مات الأب، تنتقل النفقة على من تجب نفقة الطفل عليه. وإذا حدث ما يمنع الأم من الاستمرار في الرضاع، يسلم الطفل إلى مرضع أخرى. وفي مقابل ذلك، فعلى الأب أجرة الإرضاع للمرضع الجديد.

٢ - رأينا أن التشاور بين الأب والأم في شأن الطفل واجب لتحصيل ما هو مصلحة للطفل. ونفهم من ذلك، أدبا عاما، هو أن كل ما فيه مصلحة لأكثر من إنسان، ينبغي أن تقام فيه الشورى. وتجتمع فيه الآراء. فكيف إذا كان ذلك مصلحة الإسلام، والمسلمين ومن ثم فإننا نعتبر هذه الآية أصلا في موضوع كثير من الأمور في

<<  <  ج: ص:  >  >>