متعمدا على غيره .. والأظهر أن المراد لا يشهدون الزور أي لا يحضرونه وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ أي بالفحش وكل ما ينبغي أن يلقى ويطرح. والمعنى: وإذا مروا بأهل اللغو والمشتغلين به مَرُّوا كِراماً أي معرضين مكرمين أنفسهم عن التلوث به
وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ أي قرئ عليهم القرآن، أو وعظوا بالقرآن لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً قال النسفي: ليس هذا بنفي الخرور، بل هو إثبات له ونفي للصمم والعمى. قال قتادة:(أي) لم يصموا عن الحق ولم يعموا فيه، فهم والله قوم عقلوا عن الحق وانتفعوا بما سمعوا من كتابه
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ سألوا ربهم أن يرزقهم أزواجا وأعقابا عمالا لله تعالى يسرون بمكانهم وتقربهم عيونهم وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً أي أئمة يقتدي المتقون بنا في الدين
أُوْلئِكَ المتصفون بالصفات المذكورة الجميلة، والأقوال والأفعال الجليلة يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ أي الغرفات وهي العلالي في الجنة بِما صَبَرُوا أي بصبرهم على القيام بذلك. أي بصبرهم على الطاعات وعن الشهوات، وعلى أذى الكفار، ومجاهدتهم، وعلى الفقر وغير ذلك وَيُلَقَّوْنَ فِيها أي في الجنة تَحِيَّةً وَسَلاماً يعني: أن الملائكة يحيونهم ويسلمون عليهم، أو يحيي بعضهم بعضا، ويسلم عليه. قال ابن كثير: أي يبتدرون فيها بالتحية والإكرام، ويلقون التوقير والاحترام، فلهم السلام وعليهم السلام، فإن الملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار
خالِدِينَ فِيها أي مقيمين لا يظعنون ولا يحولون ولا يموتون، ولا يزالون عنها ولا يبغون عنها حولا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا أي موضع قرار وَمُقاماً أي وموضع إقامة. وبهذا بشروا، وبما ذكر من خصائصهم استحقوا هذا التبشير.
[نقول]
عند قوله تعالى تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً* وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً قال صاحب الظلال: (والبروج- على الأرجح- منازل الكواكب السيارة، ومداراتها الفلكية الهائلة. والفخامة هنا تقابل في الحس ذلك الاستخفاف في قول المشركين: وَمَا الرَّحْمنُ؟ فهذا شئ من خلقه ضخم هائل عظيم في الحس وفي الحقيقة، وفي هذه البروج تنزل الشمس ويسميها سِراجاً لما تبعث به من ضوء