الله عزّ وجل فيها، أن هذا الأمر الذي نهاهم عنه. من منع الولايا أن يتزوجن أزواجهن، إذا تراضوا بينهم بالمعروف يأتمر به، ويتعظ به، وينفعل له الذي يؤمن بشرع الله، ويخاف وعيد الله، وعذابه في الدار الآخرة، وما فيها من الجزاء. ثم بين تعالى أن اتباع شرع الله في رد الموليات إلى أزواجهن، وترك الحمية في ذلك أزكى للأنفس، وأطهر للقلوب. ثم بين الله تعالى أنه يعلم من المصالح فيما يأمر به، وينهى عنه. ونحن لا نعلم الخير فيما نأتي وما نذر، إلا بتعليم الله إيانا.
[المعنى الحرفي للآيات]
الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ: روى الإمام أحمد:
قال رجل: يا رسول الله: أرأيت قول الله: الطَّلاقُ مَرَّتانِ فأين الثالثة؟.
قال:«التسريح بالإحسان». والطلاق بمعنى التطليق. كالسلام، بمعنى التسليم، وقوله تعالى: الطَّلاقُ مَرَّتانِ أي: التطليق الشرعي، تطليقة بعد تطليقة، على التفريق، دون الجمع والإرسال دفعة واحدة. ولم يرد بالمرتين، التثنية. ولكن التكرير كقوله تعالى: ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ. (سورة الملك) أي كرة بعد كرة.
وهو دليل على أن الجمع بين الطلقتين والثلاث في طهر واحد بدعة لأن الله تعالى أمرنا بالتفريق فإنه وإن كان ظاهر النص الخبر، فمعناه الأمر. فصار المعنى: الطلاق مرة، فمرة. ثم إما أن يراجعها، ويمسكها بمعروف. وإما أن يطلقها الثالثة. فإذا طلقها الثالثة، بانت منه بينونة كبرى. فلا تحل له كما سنرى إلا بعد أن تتزوج من غيره، ويدخل بها، ثم يطلقها، وتنقضي عدتها.
[سبب النزول]
في الأثر الصحيح:«كان الرجل أحق برجعة امرأته، وإن طلقها ما شاء ما دامت في العدة. وإن رجلا من الأنصار غضب على امرأته فقال: والله لا آويك، ولا أفارقك، قالت: وكيف ذلك؟. قال: أطلقك. فإذا دنا أجلك، راجعتك. ثم أطلقك. فإذا دنا أجلك راجعتك. فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فأنزل الله عزّ وجل:
الطَّلاقُ مَرَّتانِ. قال: فاستقبل الناس الطلاق، من كان طلق. ومن لم يكن طلق». رواه عبد بن حميد في تفسيره، والترمذي، والحاكم، وابن مردويه. قال ابن عباس: (إذا طلق الرجل امرأته تطليقتين، فليتق الله في ذلك- أي في الثالثة- فإما أن يمسكها بمعروف. فيحسن صحابتها، أو يسرحها بإحسان. فلا يظلمها من حقها