٦ - قصة يوسف عليه السلام تعتبر ركنا من أركان علم التعبير لأن فيها أربع رؤى وتعبيراتها، ولقد قاس المعبرون على ذلك واستنبطوا قواعد، واستخرجوا أسسا بنوا عليها علم التعبير، والملاحظ: أن علم التعبير عند المسلمين هو أوسع منه عند غيرهم، فلقد كتب علماء المسلمين في هذا الموضوع الكتب المطولة وأساس ذلك كله ما ورد في الكتاب والسنة من تأويل الرؤى.
[نقل عن الظلال]
بمناسبة قوله تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ. أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ. ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ. وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ قال صاحب الظلال:
(إن الحكم لا يكون إلا لله، فهو مقصور عليه سبحانه بحكم ألوهيته. إذ الحاكمية من خصائص الألوهية. من ادعى الحق فيها فقد نازع الله سبحانه أولى خصائص ألوهيته؛ سواء ادعى هذا الحق فرد، أو طبقة، أو حزب، أو هيئة. أو أمة، أو الناس جميعا في صورة منظمة عالمية. ومن نازع الله سبحانه أولى خصائص ألوهيته، وادعاها فقد كفر بالله كفرا بواحا، يصبح به كفره من المعلوم من الدين بالضرورة، حتى بحكم هذا النص وحده.
وادعاء هذا الحق لا يكون بصورة واحدة هي التي تخرج المدعي من دائرة الدين القيم، وتجعله منازعا في أولى خصائص ألوهيته- سبحانه- فليس من الضروري أن يقول: ما علمت لكم من إله غيري. أو يقول: أنا ربكم الأعلى. كما قالها فرعون جهرة. ولكنه يدعي هذا الحق وينازع الله فيه بمجرد أن ينحي شريعة الله عن الحاكمية، ويستمد القوانين من مصدر آخر. وبمجرد أن يقرر أن الجهة التي تملك الحاكمية- أي التي تكون هي مصدر السلطات- جهة أخرى غير الله سبحانه .. ولو كان هو مجموع الأمة أو مجموع البشرية. والأمة في النظام الإسلامي هي التي تختار الحاكم فتعطيه شرعية مزاولة الحكم بشريعة الله، ولكنها ليست هي مصدر الحاكمية التي تعطي القانون شرعيته. إنما مصدر الحاكمية هو الله. وكثيرون حتى من الباحثين المسلمين يخلطون بين مزاولة السلطة وبين مصدر السلطة. فالناس بجملتهم لا يملكون حق الحاكمية إنما يملكه الله وحده. والناس إنما يزاولون تطبيق ما شرعه الله بسلطانه، أما ما لم يشرعه الله فلا سلطان له ولا شرعية، وما أنزل الله به من سلطان.