للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكأس في يد فرعون. وأما رئيس الخبازين فعلقه كما عبر لهما يوسف. ولكن لم يذكر رئيس السقاة يوسف بل نسيه).

٢ - عند ما ذكر الله لنا في سورة الأنعام أسماء ثمانية عشر رسولا ذكر هناك من جملتهم يوسف عليه السلام. ثم بعد ذلك قال الله عزّ وجل أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ وعلى هذا فيوسف عليه السلام قدوة، وهذا المشهد الذي مر معنا يعطينا إذن القدوة لمن ابتلي بالسجن، ومما نلاحظه في هذا الموضوع أن يوسف عليه السلام كان محسنا في سجنه، وإن إحسانه كان عاما مع أن من حوله كانوا مشركين، وأنه كان لا يترك فرصة تمر إلا ويدعو فيها إلى الله. وقد استنتج بعض المفسرين أن يوسف عليه السلام كان في السجن مشتهرا بالجود والأمانة، وصدق الحديث، وحسن السمت، وكثرة العبادة، ومعرفة التعبير، والإحسان إلى أهل السجن، وعيادة مرضاهم، والقيام بحقوقهم. ونلاحظ أن يوسف عليه السلام لم يستنكف أن يقول لساقي الملك اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ولكنه طلب جميل وبأسلوب عفيف.

٣ - التوراة الحالية تذكر أن سن يوسف عند ما ألقاه إخوته في البئر كان سبعة عشر عاما، وتذكر أنه عند ما خرج من السجن كان سنة ثلاثين سنة. وتذكر أنه بقي سنتان بعد خروج الساقي من السجن. فإذا اعتبرنا رأى أكثر المفسرين أن مدة سجنه كانت سبع سنين تكون المسألة على الشكل التالي: أن المراودة كانت وسنة ثلاث وعشرون، وأن رؤيا الفتيين كانت وسنه ثمانية وعشرون سنة، وعلى هذا فإن رواية التوراة الحالية تفيد أنه بقي في السجن سبع سنين وليس في المسألة نص قاطع.

٤ - هناك اتجاه للمفسرين أن الرؤيين للفتيين كانتا مختلقتين، ورواية التوراة الحالية ترجح الرأي الآخر كما رأينا وهو الرأي الذي يقول: إنهما رؤييان حقيقة وهو ما نرجحه.

٥ - بمناسبة قول يوسف عليه السلام بعد تعبيره الرؤيين قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ يذكر ابن كثير الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد عن رسول الله صلى الله

عليه وسلم «الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر فإذا عبرت وقعت». وفي مسند أبي يعلى عن أنس مرفوعا «الرؤيا لأول عابر» أي: تقع كما يفسرها أول مفسر. أقول: على شرط أن يكون المعبر يعبر عن علم لا عن جهل.

<<  <  ج: ص:  >  >>