الاثنين بتعبير رؤياه صراحة، وبهذه المناسبة نقول: إن من يتأمل هذا المشهد ويقارنه بما ورد في هذا الشأن في سفر التكوين يجد في هذا المشهد وحده معجزة، فإصحاح سفر التكوين لا تكاد تجد فيه أي مظهر من مظاهر النبوة وهديها وكلامها ودعوتها، بينما تجد القرآن يذكر لك الموضوع كأنك تراه بكل حيثياته الهادية، وبكل ما يدل على شخصية يوسف كما هي في نبوتها وما يليق بهذه النبوة من هدى. وللمقارنة ننقل الإصحاح كله. الإصحاح الأربعين: (وحدث بعد هذه الأمور أن ساقي ملك مصر والخباز أذنبا إلى سيدهما ملك مصر، فسخط فرعون على خصييه رئيس السقاة ورئيس الخبازين، فوضعهما في حبس بيت رئيس الشرط في بيت السجن المكان الذي كان يوسف محبوسا فيه. فأقام رئيس الشرط يوسف عندهما فخدمهما، وكانا أياما في الحبس. وحلما كلاهما حلما في ليلة واحدة كل واحد حلمه كل واحد بحسب تعبير حلمه. ساقي ملك مصر وخبازه المحبوسان في بيت السجن. فدخل يوسف إليهما في الصباح ونظرهما وإذا هما مغتمان. فسأل خصيي فرعون اللذين معه في حبس بيت سيده قائلا لماذا وجهاكما مكمدان اليوم: فقالا له حلمنا حلما وليس من يعبره. فقال لهما يوسف أليست لله التعابير. قصا علي. فقص رئيس السقاة حلمه على يوسف وقال له كنت في حلمي وإذا كرمة أمامي. وفي الكرمة ثلاثة قضبان وهي إذا أفرخت طلع زهرها وأنضجت عناقيدها عنبا. وكانت كأس فرعون في يدي، فأخذت العنب، وعصرته في كأس فرعون وأعطيت الكأس في يد فرعون. فقال له يوسف هذا تعبيره. الثلاثة القضبان هي ثلاثة أيام. في ثلاثة أيام أيضا يرفع رأسك ويردك إلى مقامك، فتعطي كأس فرعون في يده كالعادة الأولي حين كنت ساقيه. وإنما إذا ذكرتني عندك حينما يصير لك خير تصنعه إلي إحسانا وتذكرني لفرعون وتخرجني من هذا البيت لأني قد سرقت من أرض العبرانيين. وهنا أيضا لم أفعل شيئا حتى وضعوني في السجن.
فلما رأى رئيس الخبازين أنه عبر جيدا قال ليوسف كنت أنا أيضا في حلمي، وإذا ثلاثة سلال حوارى على رأسي. وفي السل الأعلى من جميع طعام فرعون من صنعة الخباز. والطيور تأكله من السل عن رأسي. فأجاب يوسف وقال: هذا تعبيره، الثلاثة السلال هي، ثلاثة أيام. في ثلاثة أيام أيضا يرفع فرعون رأسك عنك ويعلقك على خشبة وتأكل الطيور لحمك عنك.
فحدث في اليوم الثالث يوم ميلاد فرعون أنه صنع وليمة لجميع عبيده ورفع رأس رئيس السقاة ورأس رئيس الخبازين بين عبيده. ورد رئيس السقاة إلى سقيه. فأعطى