للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ ثم يقول: «اللهم إني أسألك في سفرى هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هوّن علينا السفر واطو لنا البعيد، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم اصحبنا في سفرنا واخلفنا في أهلنا» وكان صلّى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا رجع إلى أهله قال «آئبون تائبون إن شاء الله عابدون لربنا حامدون» وهكذا رواه مسلم وأبو داود والنسائي. وروى الإمام أحمد عن أبي لاس الخزاعي قال: حملنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم على إبل من إبل الصدقة إلى الحج فقلنا: يا رسول الله ما نرى أن تحملنا هذه فقال صلّى الله عليه وسلم: «ما من بعير إلا في ذروته شيطان، فاذكروا اسم الله عليها إذا ما ركبتموها كما آمركم ثم امتهنوها لأنفسكم فإنما يحمل الله عزّ وجل» أبو لاس اسمه محمد بن الأسود بن خلف.

(حديث آخر) في معناه روى أحمد عن أسامة بن زيد قال: أخبرني محمد بن حمزة أنه سمع أباه يقول سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «على ظهر كل بعير شيطان فإذا ركبتموها فسموا الله عزّ وجل ثم لا تقصروا عن حاجاتكم»).

وذكر الألوسي بمناسبة الآية: (أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن أبي مجلز قال: رأى الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما وكرّم وجههما رجلا ركب دابة فقال: سبحان الذي سخر لنا هذا، فقال: أو بذلك أمرت؟ فقال: فكيف أقول؟ قال: الحمد لله الذي هدانا للإسلام، الحمد لله الذي منّ علينا بمحمد صلّى الله تعالى عليه وسلم، الحمد لله الذي جعلني في خير أمة أخرجت للناس ثمّ تقول:

سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا إلى مُقْرِنِينَ ... (وظاهر النظم الجليل أن تذكر النعمة والقول المذكور لا يخصّان ركوب الأنعام بل يعمانها والفلك، وذكر بعضهم أنه يقال إذا ركبت السفينة: بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها .. إلى ..

رَحِيمٌ ويقال عند النزول منها «اللهم أنزلنا منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»).

٦ - [كفر من زعم أن الكون هو تكثفات عن الروح الإلهية]

هناك اتجاه لبعض غلاة الصوفية، أن هذا الكون هو تكثفات الذات الإلهية.

فالذات الإلهية تكثفت فكان هذا الكون، يقولون: إن أول تكثف كان هو الذات المحمدية، ومنه خلق هذا الكون، وإنني أجزم أن هذا القول كفر بصريح القرآن، وهو قوله تعالى: وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ إذ إن قولهم ذاك يجعل محمدا صلّى الله عليه وسلم هو جزء الذات الإلهية، ويجعل الكون كذلك، تعالى الله عن ذلك، ونعوذ بالله من الضلال، وإن من أفظع طرق الضلال أن يقول الإنسان القول لمجرد

<<  <  ج: ص:  >  >>