للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شفاعة هذه الأصنام والأنداد عند الله وهو تعالى لم يشرع عبادتها ولا أذن فيها؛ بل قد نهى عنها على ألسنة جميع رسله، وأنزل بالنهى عن ذلك جميع كتبه؟) وقال النسفي:

(يعني أن أمر الشفاعة ضيق، فإن الملائكة مع قربهم وكثرتهم لو شفعوا بأجمعهم لأحد لم تغن شفاعتهم شيئا قط، ولا تنفع إلا إذا شفعوا من بعد أن يأذن الله لهم في الشفاعة لمن يشاء الشفاعة له ويرضاه ويراه أهلا لأن يشفع له، فكيف تشفع الأصنام إليه لعبدتهم).

إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ أي: ليسمون كل واحد منهم تَسْمِيَةَ الْأُنْثى لأنهم إذا قالوا: الملائكة بنات الله، فقد سموا كل واحد منهم بنتا وهي تسمية الأنثى

وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ قال ابن كثير: أي ليس لهم علم صحيح بصدق ما قالوه، بل هو كذب وزور وافتراء وكفر شنيع إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وفي العقائد لا بد من القطع واليقين وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً أي: لا يجدي شيئا ولا يقوم أبدا مقام الحق، قال النسفي: أي إنما يعرف الحق الذي هو حقيقة الشئ وما هو عليه بالعلم والتيقن لا بالظن والتوهم.

[كلمة في السياق]

نلاحظ في ما مر معنا من المجموعة الثانية أن الله عزّ وجل أقام الحجة على المشركين، وبين أن ما هم فيه مبني على ظن، وأن الظن لا تبنى عليه العقائد، فهدم بذلك كل أساس تقوم عليه العقائد الباطلة وما يبني عليها البانون من تصورات فاسدة، كدعوى أن الملائكة بنات الله، وما بنوا عليه من شفاعة الملائكة لهم؛ لأنهم عبدوهم، وكما أقام الله الحجة على المشركين في دعواهم وما بنوا عليها، بين سبحانه أنه وحده الإله، والرب، والمالك المطلق، والمتصرف المطلق، وبعد أن استقرت هذه المعاني يصدر الله عزّ وجل أمرا لرسوله صلى الله عليه وسلم بالإعراض عمن هذه شأنه.

...

فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا أي: فأعرض عمن رأيته معرضا عن ذكر الله، أي: القرآن، قال ابن كثير: أي أعرض عن الذي أعرض عن الحق واهجره وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا فهي همه، ومبلغ علمه، وهذا شأن أكثر الخلق

ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ أي: الدنيا وما فيها وشئونها منتهى علمهم إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى أي: هو أعلم بالضال والمهتدي ومجازيهما، قال ابن كثير: (أي هو الخالق لجميع المخلوقات، والعالم بمصالح عباده،

<<  <  ج: ص:  >  >>