للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بين يدي سورة المرسلات]

قدم الألوسي لسورة المرسلات بقوله: (وتسمى سورة العرف. وهي مكية.

وآيها خمسون آية بلا خلاف. ومناسبتها لما قبلها أنه سبحانه لما قال فيما قبل يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ الخ افتتح هذه بالأقسام على ما يدل على تحقيقه، وذكر وقته وأشراطه، وقيل إنه سبحانه أقسم على تحقيق جميع ما تضمنته السورة قبل من وعيد الكافرين الفجار ووعد المؤمنين الأبرار).

وقال صاحب الظلال في تقديمه لهذه السورة: (هذه السورة حادة الملامح، عنيفة المشاهد، شديدة الإيقاع، كأنها سياط لاذعة من نار. وهي تقف القلب وقفة المحاكمة الرهيبة، حيث يواجه بسيل من الاستفهامات والاستنكارات والتهديدات، تنفذ إليها كالسهام المسنونة!

وتعرض السورة من مشاهد الدنيا والآخرة، وحقائق الكون والنفس، ومناظر الهول والعذاب ما تعرض. وعقب كل معرض ومشهد تلفح القلب المذنب لفحة كأنها من نار: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ! *

ويتكرر هذا التعقيب عشر مرات في السورة. وهو لازمة الإيقاع فيها. وهو أنسب تعقيب لملامحها الحادة، ومشاهدها العنيفة، وإيقاعها الشديد.

وهذه اللازمة تذكرنا باللازمة المكررة في سورة (الرحمن) عقب عرض كل نعمة من نعم الله على العباد: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ؟ ... * كما تذكرنا باللازمة المكررة في سورة (القمر) عقب كل حلقة من حلقات العذاب: فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ؟ ... * وتكرارها هنا على هذا النحو يعطي السورة سمة خاصة، وطعما مميزا ... حادا.

وتتوالى مقاطع السورة وفواصلها قصيرة سريعة عنيفة، متعددة القوافي. كل مقطع بقافية. ويعود السياق أحيانا إلى بعض القوافي مرة بعد مرة. ويتلقى الحس هذه المقاطع والفواصل والقوافي بلذعها الخاص، وعنفها الخاص. واحدة إثر واحدة.

وما يكاد يفيق من إيقاع حتى يعاجله إيقاع آخر، بنفس العنف وبنفس الشدة).

وقال صاحب الظلال في ختام السورة: (إن السورة بذاتها، ببنائها التعبيري،

<<  <  ج: ص:  >  >>