للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أي فجور. قال عكرمة وغيره: هم الزناة هاهنا، ولعلهم أخذوه من قوله تعالى: فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ. وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ أي مروّجو الإشاعات الكاذبة لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ أي لنأمرنك بقتالهم، أو لنسلطنك عليهم، وذكر هذا الموضوع هنا فيه نوع إشارة إلى ما سبقه من إيذاء الله ورسوله صلّى الله عليه وسلم، ومن إيذاء المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا، فهؤلاء يستحقون ما ذكرته هذه الآية ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها أي في المدينة إِلَّا قَلِيلًا زمانا

مَلْعُونِينَ أي مطرودين مبعدين أَيْنَما ثُقِفُوا أي وجدوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا قال النسفي: التشديد يدل على التكثير، وهذه أوسع آية في التعزير.

والمعنى لئن لم ينته المنافقون عن عداوتهم وكيدهم والفسقة عن فجورهم، والمرجفون عما يؤلفون من أخبار السوء، لنأمرنك بأن تفعل الأفعال التي تسوؤهم، ثم بأن تضطرهم إلى طلب الجلاء عن المدينة، وإلى ألا يساكنوك فيها إلا زمانا قليلا ريثما يرتحلون، وحتى بعد هذا كله فإنهم ملعونون مستحقون للقتل حيث كانوا

سُنَّةَ اللَّهِ أي سنّ الله في أمثالهم أن يقتّلوا أينما وجدوا فِي الَّذِينَ خَلَوْا أي مضوا مِنْ قَبْلُ. قال ابن كثير: أي هذه سنته في المنافقين إذا تمرّدوا على نفاقهم وكفرهم ولم يرجعوا عمّا هم فيه أن أهل الإيمان يسلّطون عليهم ويقهرونهم وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا أي لا يبدل الله سنته بل يجريها مجرى واحدا في الأمم.

[كلمة في السياق]

إن محور هذا المقطع هو محور سورة النساء الذي بدايته يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أي لتكونوا من فئة المتقين فتخرجوا عن فئة الكافرين والمنافقين، وقد جاء في هذا المقطع أمر من الأوامر التي تقتضيها التقوى، وهو الستر، وجاء كلام عن المنافقين وتهديد لهم، والآن يأتي كلام عن الكافرين، وتهديد لهم، وتذكير بأن سبب كفرهم طاعة سادتهم وكبرائهم، وذلك كله مرتبط بموضوع العبادة والتقوى، فمن عبادة الله أن تطيعه وألا تطيع من يعصيه.

...

لاحظ صلة المقطع ببداية سورة الأحزاب وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ فالكافرون والمنافقون يستحقون القتل، فكيف يطاعون؟ وفيما يأتي من المقطع بيان

<<  <  ج: ص:  >  >>