وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ يا أهل مكة مِنَ الْقُرى نحو حجر ثمود، وقرى قوم لوط. وَصَرَّفْنَا الْآياتِ أي: كرّرنا عليهم الحجج وأنواع العبر لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ عن الطغيان إلى الإيمان فلم يرجعوا. قال ابن كثير:(وقد أهلك الله الأمم المكذّبة بالرسل ممّا حولها «أي: مكة» كعاد وكانوا بالأحقاف بحضرموت عند اليمن. وثمود وكانت منازلهم بينهم وبين الشام وكذلك سبأ وهم أهل اليمن، ومدين وكانت في طريقهم وممرّهم إلى غزة، وكذلك بحيرة قوم لوط كانوا يمرون بها أيضا)
فَلَوْلا أي: فهلّا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْباناً آلِهَةً القربان: ما تقرّب به إلى الله. والمعنى: فهلّا نصرهم الذين اتخذوهم شفعاء متقربا بهم إلى الله حيث قالوا: هؤلاء شفعاؤنا عند الله. قال ابن كثير:(أي: فهل نصروهم عند احتياجهم إليهم). بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ أي: بل غابوا عن نصرتهم. قال ابن كثير: أي بل ذهبوا عنهم أحوج ما كانوا إليهم. وَذلِكَ إِفْكُهُمْ أي: كذبهم وَما كانُوا يَفْتَرُونَ قال ابن كثير: أي وافتراؤهم في اتخاذهم إياهم آلهة وقد خابوا وخسروا في عبادتهم لها واعتمادهم عليها.
كلمة في السياق:[حول علاقة موقف الجن من القرآن بسياق السورة]
جاءت هذه الآيات تعليقا على قصّة قوم هود، وبناء عليها فكانت هي والقصة بمثابة إنذار للكافرين الذين يرفضون دعوة الله وعبادته، ويستكبرون عنها ويفسقون عن أمر الله، وبعد هذه الصفحة من الإنذار يعرض الله علينا قصة نفر من الجن أسلموا بمجرد سماعهم للقرآن، وخرجوا دعاة، وفي ذلك درس في التلقّي الصحيح والسليم عن الله ورسوله صلّى الله عليه وسلم، وفي ذلك تأنيب ضمني لقريش، فإنه إذا كان الجن يقفون مثل هذا الموقف من القرآن فما بالهم هم؟ كما إن في ذلك إيناسا
لرسول الله صلّى الله عليه وسلم، إذ يريه الله ثمرات إنذاره أنها لا تضيع، فإذا لم يستجب له قومه فإنه لا يعدم مستجيبا.
وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً أي: أملناهم إليك وأقبلنا بهم نحوك، والنفر: دون العشرة مِنَ الْجِنِّ قال النسفي: (جن نصيبين) وسنرى تحقيق ابن كثير حول هذا الموضوع يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ منه عليه الصلاة والسلام فَلَمَّا حَضَرُوهُ أي: الرسول صلّى الله عليه وسلم أو القرآن. أي فلما كانوا منه بحيث يسمعون قالُوا أي: قال