عيسى كافر، فبقايا أهل الكتاب هم الذين آمنوا بحق، وليس عندهم ناقض ينقض إيمانهم.
٥ - [العهد الجديد بما يشمله أثر من آثار بولس مع أنه ليس من الحواريين]
إن ما يسمى بالكتاب المقدس عند النصارى يتضمن ما يسمى بالعهد الجديد، والعهد الجديد يشمل الأناجيل الأربعة المعتمدة عند نصارى عصرنا، وأعمال الرّسل، والرسائل، والدّارس للعهد الجديد يلاحظ ملاحظة مهمّة هي: أنّ آثار عيسى، وحوارييه، ومدارسهم، وتلاميذهم، كلها تكاد تكون معدومة فيه، فالعهد الجديد كلّه إنما هو أثر مدرسة بولس وحدها، مع أن بولس ليس من الحواريين، ولم يتتلمذ على سمعان بطرس الحواريّ الأول إلا خمسة عشر يوما، على حسب ما يذكر في رسائله.
وفي رسائله يذكر أنه كان يبشر بإنجيل خاص به لم يتلقه عن أحد، وإنما عن المسيح مباشرة. ويذكر في رسائله أنه اختلف مع برنابا، ويهاجم في هذه الرسائل سمعان بطرس ويتهمه، ويهاجم في رسائله الذين يختلفون معه. ويدافع في رسائله عن نفسه كثيرا أمام هجمات ضدّه، كل ذلك يشير إلى أن دين المسيح عليه السلام كما ورّثه لتلاميذه قد اغتاله بولس هذا، وأنّ مدرسة بولس هذه قد تغلبت واضطهدت في النهاية مخالفيها، وقتلتهم فيما بعد، ثم هي انقسمت على نفسها الانقسامات الكثيرة، والمتمثلة بالكنائس المتعددة التي تكفّر كل منها الأخرى، وتعاديها أشد العداء، نقول هذا كله بمناسبة ما مرّ معنا من آيات حول النصارى خاصة، وفي هذا العهد الجديد الذي هو كله أثر من آثار مدرسة بولس نجد كثيرا مثل تعبير أن (المسيح هو الرب، وهو الله) وكثيرا ما تجد (تعبير أبناء الله وأحبابه). ومن كلام بولس هذا كما ورد في رسالته إلى أهل غلاطية في الإصحاح الأول «وأعرفكم أيّها الإخوة الإنجيل الذي بشّرت به أنه ليس بحسب إنسان لأني لم أقبله من عند إنسان ولا علّمته بل بإعلان يسوع المسيح» وفي الإصحاح الثاني منها. «ولكن لما أتى بطرس (تلميذ المسيح الأول) إلى أنطاكية قاومته مواجهة لأنه كان ملوما، ومن مقدمة رسالته إلى أهل أفسس. (نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح) ... ». ومن كلامه في الإصحاح الخامس من هذه الرسالة. «فكونوا متمثلين بالله كأولاد أحبّاء ... ». والتعبير عن المسيح بالرب وإعطاؤه كل خصائص الألوهية وحقوقها أكثر من أن يحصى في العهد الجديد كله.
ولننتقل الآن إلى الفقرة الثانية في هذا المقطع لتفسيرها تفسيرا حرفيا.