وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ أي ومثل ذلك الإنزال أنزلنا إليك الكتاب أي أنزلناه مصدقا لسائر الكتب السماوية، أو كما أنزلنا الكتب إلى من قبلك أنزلنا إليك الكتاب. قال ابن جرير: يقول الله تعالى: كما أنزلنا الكتب على من قبلك يا محمد من الرسل، كذلك أنزلنا إليك الكتاب. فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ أي الذين أخذوا الكتاب السابق فتلوه حق تلاوته يؤمنون بهذا القرآن. وينطبق هذا على عبد الله بن سلام، وسلمان الفارسي وأمثالهما، وَمِنْ هؤُلاءِ يعني العرب مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ أي بالقرآن وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا مع ظهورها، وزوال الشبهة عنها إِلَّا الْكافِرُونَ أي إلا المتوغّلون في الكفر، المصمّمون عليه
وَما كُنْتَ تَتْلُوا أي تقرأ مِنْ قَبْلِهِ أي من قبل القرآن مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ أي ما كنت قرأت كتابا من الكتب ولا كنت كاتبا إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ أي لو كان شئ من ذلك، أي من التلاوة والخط لارتاب المبطلون من أهل الكتاب، وقالوا: الذي نجد نعته في كتبنا أمّي لا يكتب ولا يقرأ، وليس به، أو لارتاب الكافرون وقالوا: لعلّه تعلّمه أو كتبه بيده، وقد سمّاهم مبطلين لإنكارهم نبوّته. قال ابن كثير في الآية:(أي لو كنت تحسنها «أي الكتابة والقراءة» لارتاب بعض الجهلة من الناس فيقول: إنّما تعلّم هذا من كتب قبله مأثورة عن الأنبياء، مع أنهم قالوا ذلك مع علمهم بأنّه أمّي لا يحسن الكتابة)
بَلْ هُوَ أي القرآن آياتٌ بَيِّناتٌ أي واضحات الدلالة على الحق أمرا ونهيا وخبرا فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أي في صدور العلماء به وحفّاظه، وهما من خصائص القرآن، كون آياته بيّنات الإعجاز، وكونه محفوظا في الصدور وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا الواضحة إِلَّا الظَّالِمُونَ أي المتوغّلون في الظلم. قال ابن كثير: أي ما يكذّب بها، ويبخس حقّها، ويردّها إلا الظالمون، أي المعتدون المكابرون، الذين يعلمون الحق ويحيدون عنه
وَقالُوا أي الكافرون لَوْلا أي هلّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ أي مثل النّاقة والعصا قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ ينزل أيتها شاء، ولست أملك شيئا منها وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ أي كلّفت الإنذار وإبانته بما أعطيت من الآيات، وليس لي أن أقول أنزل عليّ آية كذا، دون آية كذا، مع علمي أنّ المراد