للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - يلاحظ في هذه القصة كيف أن الله كان مشددا على بني إسرائيل في أمر تعظيم السبت وحرمة العمل فيه. وهذا الذي نراه في هذه القصة نجده في أسفار موسى الخمسة بشكل واضح وفي أكثر من مكان مع التهديد العظيم لمن خالف ذلك. ومن ذلك ما ورد في الإصحاح العشرين سفر الخروج (أذكر يوم السبت لتقدسه ستة أيام تعمل وتصنع جميع عملك. وأما اليوم السابع ففيه سبت للرب إلهك لا تصنع عملا ما أنت وابنك وابنتك وعبدك وأمتك وبهيمتك ونزيلك الذي داخل أبوابك).

وفي الإصحاح التاسع عشر سفر اللاويين (وتحفظون سبوتي أنا الرب إلهكم).

وفي الإصحاح الخامس عشر من سفر العدد (ولما كان بنو إسرائيل في البرية وجدوا رجلا يحتطب حطبا في يوم السبت. فقدمه الذين وجدوه يحتطب حطبا إلى موسى وهارون وكل الجماعة. فوضعوه في المحرس لأنه لم يعلن ماذا يفعل به. فقال الرب لموسى قتلا يقتل الرجل. يرجمه بحجارة كل الجماعة خارج المحلة. فأخرجه كل الجماعة إلى خارج المحلة ورجموه بحجارة فمات كما أمر الرب موسى).

[ولنعد إلى السياق]

وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ أي أعلم قال ابن كثير وفي قوة الكلام ما يفيد معنى القسم من هذه اللفظة لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ أي ليسلطن على اليهود مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ أي إذا عصوا وخالفوا أوامره وشرعه وقد فعلوا إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ أي للكفار وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ أي للمؤمنين. ومع عذاب التسليط عليهم فقد عذبوا بالتشتيت

وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ كلها أُمَماً أي فرقا أي وفرقناهم فيها فلا تخلو بلد عن فرقة مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ أي في التفريق الأول، أما بعد بعثة عيسى فلا صالح إلا من اتبعه، وبعد

بعثة محمد صلى الله عليه وسلم فلا صالح إلا من اتبعه وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ أي ومنهم ناس دون ذلك الوصف منحطون عنه، وهم الفسقة. أي ومنهم ناس منحطون عن الصلاح وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ أي بالنعم والنقم والخصب والجدب كسنتنا في كل أمة لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ أي ينتهون عن المعصية فينيبون إلى الله بالطاعة

فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ أي من بعد ذلك الجيل الذي تمت عليه عقوبة التشتيت والتسليط فَخَلَفَ أي: جيل آخر، أو أجيال أخرى، والخلف بدل السوء بخلاف الخلف فهو الصالح وَرِثُوا الْكِتابَ أي التوراة ودققوا على ما فيها من الأوامر والنواهي والتحليل والتحريم ولم يعملوا بها

<<  <  ج: ص:  >  >>