قال بعضهم المراد بالصور في الآية- وفي هذا المقام- جمع صورة أي: يوم ينفخ فيها فتحيا. قال ابن جرير: والصحيح أن المراد بالصور القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام. قال ابن جرير: والصواب عندنا ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «إن إسرافيل قد التقم الصور وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ» وقال الإمام أحمد .... عن عبد الله بن عمرو قال: قال أعرابي: يا رسول الله ما الصور؟ قال: قرن ينفخ فيه». ثم يذكر ابن جرير حديثا طويلا رواه أبو القاسم الطبراني في كتابه المطولات، وينقل ابن كثير طرفا منه ثم يقول: هذا حديث مشهور وهو غريب جدا ولبعضه شواهد في الأحاديث المتفرقة وفي بعض ألفاظه نكارة تفرّد به إسماعيل بن رافع، قاضي أهل المدينة، وقد اختلف فيه، فمنهم من وثّقه، ومنهم من ضعّفه. ونص على نكارة حديثه غير واحد من الأئمة، كأحمد بن حنبل، وأبي حاتم الرازي، وعمرو بن علي الفلاس، ومنهم من قال فيه هو متروك. وقال ابن عدي:
أحاديثه كلها فيها نظر، إلا أنه يكتب حديثه في جملة الضعفاء. قلت: وقد اختلف عليه في إسناد هذا الحديث على وجوه كثيرة، قد أفردتها في جزء على حدة، وأما سياقه فغريب جدا، ويقال جمعه من أحاديث كثيرة وجعله سياقا واحدا، فأنكر عليه بسبب ذلك، وسمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول: إنه رأى للوليد بن مسلم مصنفا
قد جمعه كالشواهد لبعض مفردات هذا الحديث» والذي أقوله إن هذا الحديث بعد ما رأينا من الكلام فيه يمكن أن نعتبره محاولة لإعطاء صورة متسلسلة عما سيكون من خلال نصوص متعددة، منها الصحيح، ومنها المنكر، جمعها جامعها وجعلها حديثا واحدا، وحاسبه على فعله علماء المسلمين. وسننقل ما اجتزأه منه ابن كثير مع ملاحظة ما مرّ:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو في طائفة من أصحابه فقال: «إنّ الله لمّا فرغ من خلق السموات والأرض، خلق الصور فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه شاخصا بصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر». قلت: يا رسول الله وما الصور؟ قال:«القرن» قلت كيف هو؟ قال: «عظيم والذي بعثني بالحق إن أعظم دارة فيه كعرض السموات والأرض، ينفخ فيه ثلاث نفخات: النفخة الأولى:
نفخة الفزع، والثانية: نفخة الصعق، والثالثة: نفخة القيام لرب العالمين، يأمر الله تعالى إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول: انفخ. فينفخ نفخة الفزع، فيفزع أهل السموات والأرض إلا من شاء الله، ويأمره فيطيلها ويديمها ولا يفتر، وهي كقول الله وَما