وأما السبعة أيام، فليس شرطا أن تصام بعد العودة إلى الوطن. بل بمجرد فراغه من أفعال الحج يستطيع البدء بها. على أن لا تكون يوم النحر لأنه لم يفرغ من أفعال الحج.
ويحرم فيه الصوم. ولا في أيام التشريق لعدم جواز صومها عند الشافعية، أو لكراهة صومها تحريما عند الحنفية. روى مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عزّ وجل».
[ولنرجع إلى السياق]
ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أي: هذه الرخصة في التمتع هي للآفاقي الذي هو خارج المواقيت. أما من كان داخل المواقيت، فلا يحل له القران أو التمتع، هذا مذهب الحنفية. وقال الشافعي: إنهم أهل الحرم، ومن كان منه على مسافة لا يقصر فيها الصلاة. لأن من كان كذلك، يعد حاضرا لا مسافرا فهؤلاء عند الشافعي لا يحل لهم التمتع. وكان ابن عباس يقول: يا أهل مكة لا متعة لكم. أحلت لأهل الآفاق، وحرمت عليكم. إنما يقطع أحدكم واديا، أو يجعل بينه وبين الحرم واديا. ثم يهل بعمرة. وَاتَّقُوا اللَّهَ: فيما أمركم به، ونهاكم عنه في الحج وغيره.
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ أي: لمن خالف أمره، وارتكب ما عنه زجره.
فائدة: في آيات القتال قال تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ: وهاهنا قال: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ. فهذان أمران أمرنا بهما في حق معرفة الله. كما أمرنا أن نعلم أنه لا إله إلا الله. فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ (سورة محمد) فمن لم يحقق في قلبه العلم بهذا كله لا يكون عارفا بالله.
الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ أي: وقت الحج أشهر معروفات عند الناس لا يشكلن عليهم. وهي شوال، وذو القعدة، وعشر ذي الحجة. وفائدة توقيت الحج بهذه الأشهر أن شيئا من أفعال الحج، لا يصح إلا فيها. وكذا الإحرام عند الشافعي رحمه الله، وعند الحنفية ينعقد قبلها، لكنه مكروه. قال ابن عباس: من السنة ألا يحرم بالحج إلا في أشهره. قال
ابن جرير: وصح إطلاق الجمع على شهرين وبعض الثالث كما تقول العرب: رأيته العام، ورأيته اليوم. وإنما وقع ذلك في العام، واليوم. وذهب الإمام مالك إلى أن ذا الحجة كله من أشهر الحج. وبناء عليه فقد كره العمرة في بقية ذي الحجة. فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ قال ابن جرير: أجمعوا على أن المراد من