للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله عزّ وجل: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إلى آخر الآية، قال: قد دعا الله تعالى إلى مغفرته من زعم أن المسيح هو الله، ومن زعم أن المسيح ابن الله، ومن زعم أن عزيزا ابن الله، ومن زعم أن الله فقير، ومن زعم أن يد الله مغلولة، ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة، يقول الله تعالى لهؤلاء أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ثم دعا إلى التوبة من هو أعظم قولا من هؤلاء؛ من قال أنا ربكم الأعلى وقال: ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: من آيس عباد الله من التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب الله عزّ وجل، ولكن لا يقدر العبد أن يتوب حتى يتوب الله عليه.

وروى الطبراني من طريق الشعبي عن سنيد ابن شكل أنه قال: سمعت ابن مسعود يقول: إن أعظم آية في كتاب الله اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وإن أجمع آية في القرآن بخير وشر إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وإن أكثر آية في القرآن فرحا في سورة الغرف قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ وإن أشد آية في كتاب الله تفويضا وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ فقال له مسروق: صدقت، وقال الأعمش: عن أبي سعيد عن أبي الكنود قال: مرّ عبد الله يعني ابن مسعود رضي الله عنه على قاص وهو يذكر الناس فقال:

يا مذكر لم تقنط الناس من رحمة الله؟ ثم قرأ قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ رواه ابن أبي حاتم رحمه الله.

[فصل: في ذكر أحاديث فيها نفي القنوط]

روى الإمام أحمد عن حسن السدوسي قال: دخلت على أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه فقال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول «والذي نفسي بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله تعالى لغفر لكم، والذي نفس محمد بيده لو لم تخطئوا لجاء الله عزّ وجل بقوم يخطئون ثم يستغفرون الله فيغفر لهم» تفرد به أحمد.

وروى الإمام أحمد أيضا عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه قال حين حضرته الوفاة: قد كنت كتمت منكم شيئا سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، يقول «لولا أنكم تذنبون لخلق الله عزّ وجل قوما يذنبون فيغفر لهم» هكذا رواه الإمام أحمد، وأخرجه مسلم في صحيحه والترمذي. وروى الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما

<<  <  ج: ص:  >  >>