الوقت المبكر، وفي هذا الضيق المستحكم، تعلن عن عالميتها. كما هي طبيعتها وحقيقتها. فلم تكن هذه الصفة جديدة عليها حين انتصرت في المدينة- كما يدعي المفترون اليوم- إنما كانت صفة مبكرة في أيام مكة الأولى. لأنها حقيقة ثابتة في صلب هذه الدعوة منذ نشأتها.
كذلك أرادها الله. وكذلك اتجهت منذ أيامها الأولى. وكذلك تتجه إلى آخر الزمان. والله الذي أرادها كما أرادها هو صاحبها وراعيها. وهو المدافع عنها وحاميها.
وهو الذي يتولى المعركة مع المكذبين. وليس على أصحابها إلا الصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين).
[كلمة في السياق]
رأينا محور السورة من قبل فلنر أجزاءه وما فصلت السورة في كل منها:
١ - فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً قد رأينا في السورة أن هذا القرآن هو هدى الله للعالمين، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم أنزل عليه هذا الهدى، وقد أثنت السورة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرته بما ينبغي أن يفعله.
٢ - فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وقد بينت السورة أن المتقين لهم الجنات وأنهم هم المهتدون.
٣ - وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وقد فصلت السورة في مواقف المكذبين وأقوالهم، وكيف يستدرجهم الله عزّ وجل، وفصلت في استحقاقهم العذاب، وأقامت الحجة عليهم، وسفهت مواقفهم، لأنها لا تستند على أساس، وكل ذلك سار ضمن سياق خاص للسورة.
[الفوائد]
١ - في قوله تعالى: وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ اتجاه إلى أن المراد بالقلم، قلم القدرة، والمراد بالمسطرين الملائكة، وقد رجحنا غير هذا الاتجاه، ولكن بمناسبة هذا الاتجاه قال ابن كثير: (روى ابن أبي حاتم ... عن الوليد بن عبادة بن الصامت قال:
دعاني أبي حين حضره الموت فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب قال يا رب وما أكتب؟ قال: اكتب القدر