للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوائد: [حول حد السرقة]

١ - يلاحظ أنه في موضوع السرقة ذكر السارق، ثم السارقة، وفي موضوع الزنا ذكر المرأة، ثم الرجل، وذلك لأنّ السرقة من الجراءة وهي في الرجال أكثر، فقدم ذكر السارق وأخّر الزاني؛ لأن الزنا ينبعث من الشهوة، وهي في النساء أوفر، وقطعت اليد لأنها آلة السرقة، ولم تقطع آلة الزنا تفاديا عن قطع النسل.

٢ - ذهب الظاهرية إلى أنه متى سرق السارق شيئا قطعت يده به، سواء كان قليلا أو كثيرا، لعموم الآية، وأما الجمهور فاعتبروا النّصاب في السّرقة فعند الإمام مالك النصاب: ثلاثة دراهم مضروبة خالصة، فمتى سرقها، أو ما يبلغ ثمنها فما فوقه وجب القطع. وذهب الشافعي إلى أنّ الاعتبار في قطع يد السارق بربع دينار، أو ما يساويه من الأثمان، أو العروض فصاعدا. وذهب الإمام أحمد إلى أنّ كل واحد من ربع الدينار والثلاثة دراهم مردّ شرعي، فمن سرق واحدا منهما، أو ما يساويه قطع. وأما الإمام أبو حنيفة وأصحابه فذهبوا إلى أنّ النّصاب عشرة دراهم مضروبة غير مغشوشة أو ما يعادلها، واحتج كلّ لما ذهب إليه بأدلة.

٣ - أورد بعض الزنادقة إشكالا على الفقهاء في جعلهم نصاب السرقة بربع دينار ونظم في ذلك شعرا فقال:

يد بخمس مئين عسجد وديت ... ما بالها قطعت في ربع دينار

تناقض ما لنا إلا السكوت له ... وأن نعوذ بمولانا من النار

فأجيب:

عزّ الأمانة أغلاها، وأرخصها ... ذلّ الخيانة فافهم حكمة الباري

٤ - من حوادث السرقة في عهده عليه الصلاة والسلام ما نراه في هذه الأحاديث:

روى الحافظ أبو الحسن الدارقطني عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أتى بسارق قد سرق شملة فقال: ما إخاله سرق! فقال السارق: بلى يا رسول الله قال: «اذهبوا به فاقطعوه، ثم احسموه، ثم ائتوني به» فقطع، فأتي به فقال: «تب إلى الله. فقال:

تبت إلى الله فقال: «تاب الله عليك».

روى ابن ماجه أنّ عمر بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس جاء إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال يا رسول الله إني سرقت جملا لبني فلان فطهّرني، فأرسل إليهم النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: إنا

<<  <  ج: ص:  >  >>