للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمعاونة على البر والتقوى، ولهذا أمر الله بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وقبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «الصلاة وما ملكت أيمانكم» قال النسفي: (وفيه- أي: وفي قوله تعالى: وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ- إشارة إلى أنه لا يؤمن بالبعث؛ لأن الناس لا يطلبون من المساكين الجزاء فيما يطعمونهم، وإنما يطعمونهم لوجه الله، ورجاء الثواب في الآخرة، فإذا لم يؤمن بالبعث لم يكن له ما يحمله على إطعامهم، أي: أنه مع كفره لا يحرض غيره على إطعام المحتاجين، وفيه دليل قوي على عظم جرم حرمان المسكين، لأنه عطفه على الكفر، وجعله دليلا عليه وقرينة له، ولأنه ذكر الحض دون الفعل ليعلم أن تارك الحض إذا كان بهذه المنزلة فتارك الفعل أحق، وعن أبي الدرداء أنه كان يحض امرأته على تكثير المرق لأجل المساكين ويقول: خلعنا نصف السلسلة بالإيمان فلنخلع نصفها بهذا، وهذه الآيات ناطقة على أن المؤمنين يرحمون جميعا، والكافرين لا يرحمون؛ لأنه قسم الخلق نصفين، فجعل صنفا منهم أهل اليمين، ووصفهم بالإيمان فحسب بقوله: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ وصنفا منهم أهل الشمال ووصفهم بالكفر بقوله: إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ،

ثم قال تعالى: فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ أي: قريب يرفع عنه ويحترق له قلبه

وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ قال النسفي: (أي: غسالة أهل النار ... وأريد به هنا ما يسيل من أبدانهم من الصديد والدم). أقول: سنرى مجموعة الأقوال في الغسلين في الفوائد. قال ابن عباس: ما أدري ما الغسلين ولكني أظنه الزقوم

لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ أي: الكافرون أصحاب الخطايا.

[كلمة في السياق]

١ - فصلت هذه المجموعة في ماهية الحاقة، وما يكون فيها، وانقسام الناس فيها إلى قسمين: أهل يمين، وأهل شمال، وما لأهل اليمين وما لأهل الشمال، والأسباب التي استحق بها أهل اليمين ما نالوه، والأسباب التي استحق بها أهل الشمال ما نالوه.

٢ - نال أهل اليمين ما نالوه بسبب يقينهم بالآخرة إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ وبسبب أعمالهم الصالحة كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ ونال أهل الشمال ما نالوه بسبب كفرهم بالله ومنعهم حقوق المساكين إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ* وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ وبسبب خطاياهم لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ وصلة ذلك بالمحور واضحة، فالمتقون يؤمنون بالغيب،

<<  <  ج: ص:  >  >>