وخافت وفرقت. وإذا قرئ عليهم القرآن ازداد إيمانهم ونما. والصفة الثالثة: هي التوكل على الله، فلا يرجون سواه، ولا يقصدون إلا إياه، ولا يلوذون إلا بجنابه، ولا يطلبون الحوائج إلا منه، ولا يرغبون إلا إليه، ويعلمون أن ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه المتصرف في الخلق وحده لا شريك له، ولا معقب لحكمه، وهو سريع الحساب، ولهذا قال سعيد بن جبير: التوكل على الله جماع الإيمان. والصفة الرابعة:
إقامة الصلاة، بالمحافظة على مواقيتها ووضوئها وركوعها وسجودها، ومن ذلك إسباغ الطهور فيها، وتمام ركوعها وسجودها، وتلاوة القرآن فيها، والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. والصفة الخامسة: الإنفاق مما رزقهم الله، وذلك يشمل إخراج الزكاة وسائر الحقوق للعباد من واجب ومستحب، والخلق كلهم عباد الله فأحبهم إلى الله أنفعهم لخلقه، ثم بين الله عزّ وجل أن المتصفين بهذه الصفات هم المؤمنون حق الإيمان، وأن لهم عند الله منازل ومقامات ودرجات في الجنات، وأن الله سيغفر لهم السيئات، ويشكر الحسنات، وسيجزيهم على الخيرات. وبهذا تنتهي مقدمة السورة بعد أن رفعت الهمم لكل لوازم الجهاد، ونفت كل عوامل الخذلان،
من اختلاف على غنائم، أو خلاف بسبب شئ. داعية إلى الطاعة، والارتفاع إلى منازل الإيمان الكامل.
[المعنى الحرفي]
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ أي عن الغنائم، فالنفل: الغنيمة لأنها من فضل الله وعطائه، قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ أي قل حكمها مختص بالله ورسوله، يأمر الله بقسمتها على ما تقتضيه حكمته، ويمتثل الرسول أمر الله فيها، وليس الأمر في قسمتها مفوضا إلى رأي أحد فَاتَّقُوا اللَّهَ في تنفيذ أوامره واجتناب مناهيه، ومن ذلك الاختلاف والتخاصم والتدابر والطمع والجشع والغول وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ أي وأصلحوا بينكم. أي وأصلحوا حقيقة وصلكم حتى تكون ما بينكم من الأحوال، أحوال ألفة ومحبة واتفاق، والمعنى فاتقوا الله وكونوا مجتمعين على ما أمر الله ورسوله وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ أي في كل ما يأمر به الله ورسوله إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ إذ كمال الإيمان ومقتضاه كمال الطاعة لله ورسوله
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ أي الكاملون في إيمانهم الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ أي فزعت لذكره استعظاما له وتهيبا من جلاله وعزه وسلطانه وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ أي القرآن زادَتْهُمْ إِيماناً أي ازدادوا بها يقينا وطمأنينة لأن تظاهر الأدلة أقوى للاستشعار بالمدلول عليه وَعَلى رَبِّهِمْ