٢ - رأينا أن محور السورة يبدأ بقوله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ ورأينا أن الفقرة الثانية. تبدأ بقوله تعالى يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ والصلة واضحة بين الخطابين، ومن هذه الصلة ندرك معنى جديدا ومضمونه: إنك أيها الإنسان كادح في كل حال للوصول إلى الله عزّ وجل، فليكن كدحك في عبادة مولاك وتقواه لتنال مرضاته، ولو كان هذا على حساب سرورك الدنيوي في أهلك من أجل أن تنال السرور الأبدي مع أهلك في الآخرة، ولا يكن كدحك فيما يخالف العبادة والتقوى، فإنه وإن أدى هذا إلى سرورك في أهلك في الدنيا فإن عاقبة ذلك الحزن الطويل في الآخرة، ومن ثم قال قتادة في الآية:
إن كدحك يا ابن آدام لضعيف، فمن استطاع أن يكون كدحه في طاعة الله فليفعل.
٣ - رأينا صلة المقطع الأول ببعضه بعضا، ورأينا صلة المقطع بمحور السورة، ثم يأتي المقطع الثاني وهو يخاطب الناس جميعا، وفي ذلك مظهر من مظاهر اتصال السورة بالمحور المبدوء بقوله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ ... وسنرى الصلة الوثيقة بين المقطعين الأول والثاني، فبعد أن بين الله عزّ وجل ماذا ينتظر الإنسان، خاطب الناس مؤكدا لهم أنهم واصلون إلى ما ذكره، وأنبهم على عدم سلوك الطريق فلننتقل إلى المقطع الثاني والأخير من السورة.