للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أخرج ابن أبي حاتم. والطبراني في الأوسط. وابن مردويه عن أبي هريرة قال: أنزل الله تعالى على نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم بمكة قبل يوم بدر سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ وقال عمر بن الخطاب: قلت: يا رسول الله أي جمع يهزم؟ فلما كان يوم بدر وانهزمت قريش نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم مصلتا بالسيف وهو يقول:

سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ فكانت ليوم بدر، وفي الدر المنثور: أخرج البخاري عن عائشة قالت: «نزل على محمد صلى الله تعالى عليه وسلم بمكة وإني لجارية ألعب بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ») فكان في الآية معجزة غيبية إذ أنها أخبرت عن شئ ثم وقع.

...

حصرت الآيات الثلاث العوامل التي يمكن أن تكون سببا في أمن المشركين من عذاب الله بثلاثة أشياء: ١ - خيرية هؤلاء على أولئك. ٢ - أو أخذهم أمانا من الله في الكتب

السابقة. ٣ - أو تصورهم أن جمعهم سيغني عنهم.

وإذ كان السببان الأولان منتفيين فقد بقي الثالث، وقد أخبرهم الله عزّ وجل أن هذا الثالث سوف يؤتون من قبله إذ يهزمون، وكأن الآيات تحدد نوع العذاب الذي سينزله الله عزّ وجل بكفار قريش المكذبين الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عذاب الخزي والهزيمة، والقتل في الدنيا، وقد كان ذلك يوم بدر، فكانت معجزة تحتوي في طياتها ذكر نموذج آخر من نماذج تعذيب الله عزّ وجل للمكذبين رسله، فقد أنذر أنه ستحل بقريش الهزيمة، وقد كان ذلك، وفي الآيات بشارة مستمرة لهذه الأمة،

ثم بين تعالى أن عذاب يوم القيامة أشد فقال: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ أي: موعد عذابهم زائدا على عذاب بدر وَالسَّاعَةُ أَدْهى أي: أشد من موقف بدر وَأَمَرُّ أي: وأمر مذاقا من عذاب الدنيا وأشد، والداهية: هي الأمر المنكر الذي لا يهتدى لدوائه.

...

وهكذا عرفنا الله عزّ وجل على ما يستحقه المكذبون الأوائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الأمة، وللكافرين من هذه الأمة في كل عصر عذابهم، إذ لهم نفس لغة الأوائل، وبعد هذا كله يحدثنا الله عزّ وجل في خاتمة السورة عن الطرفين المتقابلين: المجرمين والمتقين، وبذلك ينهي السورة:

<<  <  ج: ص:  >  >>