لبعض أيكم يرقيه مما به؟ من الرقية، أو هو من كلام الملائكة أيكم يرقى بروحه، أملائكة الرحمة، أم ملائكة العذاب؟ من الرقي،
وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ قال النسفي:
(أي: أيقن المحتضر أن هذا الذي نزل به هو فراق الدنيا المحبوبة)
وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ قال مجاهد: أي: الأمر العظيم بالأمر العظيم، أي: بلاء ببلاء، وقال الضحاك: اجتمع عليه أمران: الناس يجهزون جسده، والملائكة يجهزون روحه، وقال ابن عباس: التفت عليه الدنيا والآخرة، وقال: آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة، فتلتقي الشدة بالشدة إلا من رحمه الله، وقال النسفي: التوت ساقاه عند موته، وعن سعيد بن المسيب: هما ساقاه حين تلفان في أكفانه،
إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ قال ابن كثير: أي: المرجع والمآب، وذلك أن الروح ترفع إلى السموات فيقول الله عزّ وجل: ردوا عبدي إلى الأرض؛ فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى. أقول: ذكر ابن كثير في أكثر من مكان من هذا التفسير أن الحديث الذي مضمونه: «روح المؤمن تكون في جوف طير تسرح في الجنة» ولعل الروح التي يأمر الله عزّ وجل بردها هي روح الكافر؛ فإنها لا تفتح لها أبواب السماء، أما روح المؤمن فسيبقى لها تعلق في الجسد، ولكن لها مراحا في الجنة،
ثم أخبر تعالى عن الكافر بماذا يستقبل آخرته فقال: فَلا صَدَّقَ أي: فلا آمن بالرسول والقرآن واليوم الآخر وَلا صَلَّى لله في حياته
وَلكِنْ كَذَّبَ بالله ورسله وملائكته واليوم الآخر والقدر وَتَوَلَّى عن الصلاة والزكاة، والاهتداء بكتاب الله
ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى قال ابن كثير: أي: جذلان أشرا بطرا كسلانا لا همة له ولا عمل، وفسر النسفي: التمطي بالتبختر، قال: وأصله: يتمطط أي: يتمدد.
أقول: أي: غير مبال، غير مكترث بشيء كأنه لم يخلق لعبادة وتكليف وقيام بأمانة
أَوْلى لَكَ فَأَوْلى * ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى هذا إما خطاب للكافر المتبختر في الدنيا، أو هو خطاب للكافر في الآخرة. فإن كان في الدنيا يكون المعنى: أولى لك أيها الكافر غير هذا، ثم أولى لك فأولى غير هذا من الإيمان والصلاة واتباع كتاب الله، وإن كان الخطاب في الآخرة يكون المعنى: أولى لك أيها الكافر فأولى أن تلقانا بغير هذا، ثم أولى لك فأولى أن تلقانا بغير ما لقيتنا به من التكذيب والإعراض عن الحق، وهكذا أرتنا المجموعة العاقبة المخزية للكافرين الذين لا يتقون الله، وفي ذلك دعوة للإنسان أن يكون من المؤمنين المصلين الملتزمين بما كلفهم الله عزّ وجل به، وبهذا انتهت المجموعة الرابعة وبها انتهت الفقرة الأولى.