ضربا بالدرة، وجعل يقول أقتلت في الحرم وسفّهت الحكم؟ قال: ثم أقبل عليّ فقلت:
يا أمير المؤمنين لا أحل لك اليوم شيئا يحرم عليك مني، فقال: يا قبيصة بن جابر إني أراك شابّ السن، فسيح الصدر، بيّن اللسان، وإن الشاب يكون فيه تسعة أخلاق حسنة وخلق سيئ، فيفسد الخلق السيئ الأخلاق الحسنة، فإياك وعثرات الشباب. وروى ابن جرير ...
عن ابن جرير البجلي قال: أصبت ظبيا وأنا محرم، فذكرت ذلك لعمر، فقال: ائت رجلين من إخوانك فليحكما عليك، فأتيت عبد الرحمن وسعدا، فحكما عليّ بتيس أعفر. وروى ابن جرير أيضا: أن أريد (وهو ابن عبد الله البجلي) أوطأ ظبيا فقتله وهو محرم. فأتى عمر ليحكم عليه، فقال له عمر: احكم معي، فحكما فيه جديا قد جمع الماء والشجر (أي: رعى الماء والشجر) ثم قال عمر يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ.
٤ - لو أن الصحابة حكموا في صيد ما بمقابل، كما رأينا في حكمهم في مقابل بقرة الوحش ببقرة. هل يكتفى فيه بحكمهم، أو يحتاج القاتل إلى تحكيم مستأنف؟ قال الشافعي وأحمد: يتبع في ذلك ما حكمت به الصحابة، وجعلاه شرعا مقرّرا لا يعدل عنه، وما لم يحكم فيه الصحابة يرجع فيه إلى عدلين، وقال مالك وأبو حنيفة: بل يجب الحكم في كل فرد فرد، سواء وجد للصحابة في مثله حكم أم لا، لقوله تعالى:
يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ ونحن لا نرغب أن نرجّح لمعرفتنا بقصورنا، ولكنّا هنا نلفت النظر إلى أنّ اشتراط التحكيم المستأنف فيه مصلحة متجدّدة، فمثلا قيمة النعامة قديما غير قيمتها حديثا.
٥ - [التخيير بين كفارات صيد المحرم]
في قوله تعالى: فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ... أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً جعل مالك، وأبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، والشافعي في أحد قوليه، وأحمد في المشهور عنه أن «أو» هنا للتخيير، فالقاتل مخيّر بين هذا، أو هذا، ومن الفقهاء من ذهب إلى أنّها للترتيب، فلا تصح القيمة، أو الصيام إلا في حالة كون المصيد غير مثلي، أو في حالة عدم الوجود والقدرة، والأمر فيه سعة، والمهم أن نعرف أن ذبح الهدي محله في الحرم لمن اختاره جزاء، وما سواه فيه خلاف.
٦ - [حل ميتة البحر]
روى ابن جرير أن عبد الرحمن بن أبي هريرة سأل ابن عمر فقال: «إنّ البحر قد قذف حيتانا كثيرة ميتة أفنأكلها؟ فقال: لا تأكلوها. فلمّا رجع عبد الله إلى أهله أحد المصحف فقرأ سورة المائدة فأتى هذه الآية وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ فقال