للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كلمة في السياق]

نلاحظ أن الآية ختمت بقوله تعالى: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ أي: يشتغل بالأموال والأولاد عن ذكر الله فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ وأنه ورد في مقدمة سورة البقرة عن المنافقين قوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ ويلاحظ أنه بعد آيات في سورة البقرة ورد قوله تعالى:

وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ لاحظ كلمة (الخاسرون) هنا وفي الآية التي مرت معنا من سورة المنافقون.

إذا لاحظت ما مر تدرك أن الانشغال بالأموال والأولاد عن ذكر الله هو من صفات المنافقين، فالآية إذن تضيف صفة جديدة من صفات المنافقين إلى معلوماتنا، وهذا يشبه قوله تعالى في سورة النساء في وصف المنافقين وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى ولكن الآية عرضت هذه الصفة من خلال أمر المؤمنين بعدم الانشغال عن الذكر، مما يشير إلى أن الطريق الوحيد للخلاص من النفاق هو الإقبال على ذكر الله، مضافا إلى ذلك الإنفاق الذي تأمر به الآية اللاحقة:

وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ يدخل في ذلك الواجب أولا كالزكاة وصدقة الفطر والنفقة المفروضة، ثم يدخل بعد ذلك المندوب، و (من) في الآية للتبعيض مما يدل على أن الله لم يكلفنا مالنا كله مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ قال النسفي: أي:

من قبل أن يرى دلائل الموت ويعاين ما ييئس معه من الإمهال، ويتعذر عليه الإنفاق فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ أي: هلا أخرت موتي إلى زمان قليل فأتصدق وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ أي: الذين آمنوا وعملوا الصالحات، قال ابن كثير: فكل مفرط يندم عند الاحتضار، ويسأل طول المدة ولو شيئا يسيرا ليستعتب ويستدرك ما فاته وهيهات، كان ما كان، وأتى ما هو آت وكل بحسب تفريطه ...

ثم قال تعالى: وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً عن الموت إِذا جاءَ أَجَلُها المكتوب في اللوح المحفوظ، قال ابن كثير: أي: لا ينظر أحدا بعد حلول أجله وهو أعلم وأخبر بمن يكون صادقا في قوله وسؤاله، ممن لو رد لعاد إلى شر مما كان عليه، ولهذا قال تعالى: وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ قال النسفي: والمعنى: أنكم إذا علمتم أن تأخير الموت عن وقته مما لا سبيل إليه، وأنه هاجم لا محالة، وأن الله عليم

<<  <  ج: ص:  >  >>