للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها، من إقبال على الله وإخبات له، وعبادة وافتقار له- وهم أهل السنة والجماعة- أما الفرق الضالة فأول مواصفاتها إهمال المحكم واتباع المتشابه.

ولننتقل إلى المعنى الحرفي للفقرة الثانية في المقطع الأول من القسم الأول من السورة.

[المعنى الحرفي للفقرة الثانية]

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أي جحدوا بآيات الله وكذبوا رسله، ولم ينتفعوا بوحيه المنزل على أنبيائه لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أي لن تدفع عنهم الأولاد والأموال شيئا، إن أراد الله أن يعذبهم في الدنيا أو في الآخرة وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ أي حطبها الذي تسجر به وتوقد

كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا الدأب هو الصنيع والحال والشأن والأمر والعادة، والأصل أنه آت من الدأب أي الكدح في العمل ثم نقل إلى الشأن والحال، والمعنى: دأب هؤلاء الكافرين في تكذيب الحق كدأب آل فرعون ومن قبلهم، فكما أن آل فرعون لم تغن عنهم أولادهم وأموالهم، فأخذوا في الدنيا وعذبوا في الآخرة فكذلك هؤلاء فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ أي فجازاهم الله بسبب ذنوبهم فأهلكهم وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ أي شديد عقابه أليم عذابه.

قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا أي قل لكل الكافرين، وسبب النزول وإن كان خاصا- كما سنرى- لكن اللفظ عام سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ أي ستغلبون في الدنيا وتحشرون يوم القيامة إلى جهنم وَبِئْسَ الْمِهادُ أي وبئس المستقر جهنم

قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا أي قد كان للكافرين دلالة على أن الله مقر دينه، وناصر رسوله ومظهر كلمته ومعل أمره، ومغلوب أعداؤه، في طائفتين التقتا للقتال يوم بدر فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وهم المؤمنون وَأُخْرى كافِرَةٌ وهم المشركون يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ أي يرى المسلمون المشركين ضعفي عدد المسلمين، رؤية ظاهرة مكشوفة لا لبس فيها، ومع ذلك فقد غلب أولياؤه أعداءه وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ كما أيد أهل بدر إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ أي إن في ذلك لعظة لمن له بصيرة، وفهم ليهتدي به إلى حكم الله وأفعاله وقدره الجاري، بنصر عباده المؤمنين في هذه الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>