بداية القسم بالنصر والرعاية، وجاءت هذه الفقرة لتبين أن الابتلاء نفسه في حق المؤمن رعاية ونصرة. ولنتحدث عن صلة ما يمر معنا بسورة البقرة:
أقول: إن قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ* وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ* وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ* أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ أقول: إن هذه المجموعة وثيقة الصلة بمقدمة سورة البقرة التي فيها: الذين يُقِيمُونَ الصَّلاةَ والتي فيها أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وإذن فهذه المجموعة من امتدادات معاني مقدمة سورة البقرة في السورة، فلنلاحظ الآن ما يلي: بدأت المجموعة بالأمر بالاستعانة بالصبر والصلاة، ثم جاء قوله تعالى: وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ وجاءت الفقرة الأولى في هذا المقطع الثالث في تفصيل هذا: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً .... وبعد تلك الآية من سورة البقرة جاء قوله تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ. والملاحظ أن هذه الفقرة التي مرت معنا كان فيها حديث عن حكمة الابتلاء والإملاء والآن تأتي فقرة تتحدث عن البخل والبخلاء، وصلة ذلك بمقدمة سورة البقرة وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ واضحة، أليس في ذلك نوع دليل على أن محور سورة آل عمران هو مقدمة سورة البقرة، وأنها تفصل فيما هو كالامتداد لهذه المقدمة في سورة البقرة! وكل ذلك دون أن يكون على حساب السياق الخاص لسورة آل عمران. إن سورة آل عمران تفصل في مقدمة سورة البقرة، وهي في كل مرحلة تشد لنا معنى من امتدادات المقدمة وتفصل في الجميع.