المؤمن بعبد له سيّد واحد فهمّه واحد، وقلبه مجتمع). وقال صاحب الظلال: إنهما لا يستويان. فالذي يخضع لسيد واحد ينعم براحة الاستقامة والمعرفة واليقين. وتجمع الطاقة ووحدة الاتجاه. ووضوح الطريق. والذي يخضع لسادة متشاكسين معذب مقلقل لا يستقر على حال، ولا يرضي واحدا منهم فضلا عن أن يرضي الجميع!.
وهذا المثل يصوّر حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك في جميع الأحوال. فالقلب المؤمن بحقيقة التوحيد هو القلب الذي يقطع الرحلة على هذه الأرض على هدى، لأن بصره أبدا معلق بنجم واحد على الأفق فلا يلتوي به الطريق. ولأنه يعرف مصدرا واحدا للحياة والقوة والرزق، ومصدرا واحدا للنفع والضر، ومصدرا واحدا للمنح والمنع، فتستقيم خطاه إلى هذا المصدر الواحد، يستمد منه وحده، ويعلّق يديه بحبل واحد يشد عروته، ويطمئن اتجاهه إلى هدف واحد لا يزوغ عنه بصره. ويخدم سيدا واحدا يعرف ماذا يرضيه فيفعله، وماذا يغضبه فيتقيه .. وبذلك تتجمع طاقته كذلك وتتوحّد، فينتج بكل طاقته وجهده وهو ثابت القدمين على الأرض متطلع إلى إله واحد في السماء ..
ويعقّب على ذلك المثل الناطق الموحي، بالحمد لله الذي اختار لعباده الراحة والأمن والطمأنينة والاستقامة والاستقرار. وهم مع هذا ينحرفون، وأكثرهم لا يعلمون .. ).
ثُمَّ إِنَّكُمْ أي: إنك وإياهم يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ فتحتجّ أنت عليهم بأنك بلّغت فكذّبوا، واجتهدت في الدّعوة فلجّوا في العناد، ويعتذرون بما لا طائل تحته، ثمّ بيّن من تكون بينهم الخصومة
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ فافترى عليه بإضافة الولد والشريك إليه وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ أي: بالأمر الذي هو الصدق بعينه وهو ما جاء به محمد صلّى الله عليه وسلم إِذْ جاءَهُ يفيد التعبير أنّه أسرع بالتّكذيب بما سمع به من غير وقفة ولا إعمال رويّة، أو اهتمام بتمييز بين حق وباطل، لا كما يفعل أهل النّصفة فيما يسمعون قال ابن كثير:(أي: لا أجد أظلم من هذا لأنّه جمع بين طرفي الباطل: كذب على الله، وكذّب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قالوا الباطل، وردّوا الحق) ولهذا قال جلت عظمته متوعدا لهم أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ أي: مقاما لهؤلاء الذين كذبوا على