ذكرت ما أعد الله لأهل الجهاد، وكيف ينبغي أن يترافق الجهاد مع العلم؟ وكيف ينبغي أن يسير خط الجهاد من الدائرة الأقرب إلى ما وراءها؟ وكيف ينبغي أن يكون الموقف الإيماني من سور القرآن عامة بما في ذلك سور الجهاد، وما هو موقف أهل النفاق من هذه السور؟ ثم ذكرت بعض صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاء توجيه له عليه الصلاة والسلام لما ينبغي أن يقوله إذا رأى إعراضا، وهكذا استكملت قضية القتال والجهاد.
والذي نراه ان ما جاء بعد قوله تعالى:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ إنما هو على الصادقين الذين ينبغي أن يكون المسلم معهم كما هو تعريف بالكاذبين الذين لا ينبغي أن يكون المسلم معهم:
فالكينونة ينبغي أن تكون مع الذين يزاولون الجهاد ومع العلماء ولا يصح أن تكون الكينونة مع أهل النفاق الذين عرفوا في السورة من مواقفهم وأقوالهم وذكرت أواخر السورة موقفين من مواقفهم، وختمت السورة بوصف رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتدي به الصادقون في تعاملهم مع أتباعهم وليعرف بذلك من هم الصادقون الذيم ينبغي أن يكون الإنسان معهم:
فمن ينعت المسلمين بالمشقة الظالمة عليهم ومن لم يكن عنده حرص على المؤمنين ومن لم تكن عنده رأفة ورحمة بالمؤمنين فهذا ليس صادقا ولا يستأهل المتابعة.
[كلمة في سورتي الأنفال وبراءة]
رأينا أن سورتي الأنفال وبراءة محورهما آية افتراض القتال في سورة البقرة، والآيتان بعدها، فهناك فرض القتال، ثم جاءت سورتا الأنفال وبراءة لتبين من يجب علينا أن نقاتل، وما يلزم لهذا القتال من شروط مادية ونفسية، وما هي أحكام الله في كل قضية ترافق القتال، من سلم إلى عهد، إلى غنائم إلى غير ذلك، وهذه المعاني كلها عرضت من خلال التطبيق العملي لفريضة القتال من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه، فسجلت سورة الأنفال معركة بدر، وسجلت سورة سورة براءة غزو تبوك، وبسورة الأنفال وبراءة ينتهي القسم الأول من أقسام القرآن.