الشافعي: فإن الله تعالى حرم الخمر تحريما مطلقا، وحرم الميتة بشرط عدم الضرورة. وقال الأبهري: إن ردت الخمر عنه جوعا أو عطشا شربها، لأن الله تعالى قال في الخنزير فَإِنَّهُ رِجْسٌ ثم أباحه للضرورة. وقال تعالى في الخمر إنها رِجْسٌ فتدخل في إباحة الخنزير للضرورة بالمعنى الجلي الذي هو أقوى من القياس، ولا بد أن تروي ولو ساعة. وترد الجوع ولو مدة).
(فإن غص بلقمة فهل يسيغها بخمر أو لا؟. فقيل: لا، مخافة أن يدعى ذلك.
وأجاز ذلك ابن حبيب، لأنها حالة ضرورة) قال ابن العربي: (أما الغاص بلقمة، فإنه يجوز له فيما بينه وبين الله تعالى، وأما فيما بيننا فإن شاهدناه فلا يخفى علينا بقرائن الحال صورة الغصة من غيرها؛ فيصدق إذا ظن ذلك، وإن لم يظهر حددناه ظاهرا وسلم من العقوبة عند الله تعالى باطنا).
(سئل مالك عن المضطر إلى أكل الميتة وهو يجد مال الغير تمرا أو زرعا أو غنما؟.
فقال: إن أمن الضرر على بدنه بحيث لا يعد سارقا ويصدق في قوله؟ يأكل من أي ذلك وجد، ما يرد جوعه، ولا يحمل منه شيئا؛ وذلك أحب إلي من أن يأكل الميتة. وقد تقدم هذا المعنى مستوفى. وإن هو خشي ألا يصدقوه وأن يعدوه سارقا فإن أكل الميتة أجوز عندي، وله في أكل الميتة على هذه المنزلة سعة).
(قال أبو الحسن الطبري المعروف بالكيا: وليس أكل الميتة عند الضرورة رخصة، بل هو عزيمة واجبة ولو امتنع من أكل الميتة كان عاصيا. وليس تناول الميتة من رخص السفر، أو متعلقا بالسفر. بل هو من نتائج الضرورة، سفرا كان أو حضرا). أقول: وفي هذا الأخير خلاف. فمن الفقهاء من لم يعتبر أن سفر المعصية يصلح رخصة للمضطر قبل توبته.
[كلمة في الفقرة]
١ - جاءت هذه الفقرة بعد آيات عن الشرك والمشركين، وعن اتباع القادة بالباطل:
إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا. وجاءت هذه الآيات وفيها مناقشة للمتبعين غيرهم على الباطل. وفيها دعوة إلى أكل الحلال وترك اتباع خطوات الشيطان.
وفيها تبيان للمحرمات من الأطعمة. ومجئ هذا بعد الكلام عن الشرك يشعر بأن ذلك كله: من استحلال أكل الحرام، واتباع خطوات الشيطان، ومتابعة الآباء في الباطل، من