للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحرمات. قال مجاهد: يعني أكره عليه. كالرجل يأخذه العدو فيكرهونه على أكل لحم الخنزير، وغيره من معصية الله تعالى. ألا إن الإكراه يبيح ذلك إلى آخر الإكراه).

(وأما المخصمة فلا يخلو أن تكون دائمة أو لا، فإن كانت دائمة فلا خلاف في جواز الشبع من الميتة، إلا أنه لا يحل له أكلها وهو يجد مال مسلم لا يخاف فيه قطعا، كالتمر المعلق وحريسة (١) الجبل، ونحو ذلك مما لا قطع فيه ولا أذى. وهذا مما لا اختلاف فيه).

وذلك لأن حفظ مهجة المسلم واجب إسلامي عام يلزم من استطاعه:-

قال القرطبي:

(قال أبو عمر: وجملة القول في ذلك أن المسلم إذا تعين عليه رد رمق مهجة المسلم، وتوجه الفرض في ذلك بألا يكون هناك غيره، قضي عليه بترميق تلك المهجة الآدمية.

وكان الممنوع منه له في ذلك محاربة من منعه ومقاتلته، وإن أتى ذلك على نفسه، وذلك عند أهل العلم إذا لم يكن هناك إلا واحد لا غير، فحينئذ يتعين عليه الفرض. فإن كانوا كثيرا، أو جماعة، أو عددا، كان ذلك عليهم فرضا على الكفاية. والماء في ذلك وغيره مما يرد نفس المسلم ويمسكها سواء. إلا أنهم اختلفوا في وجوب قيمة ذلك الشئ على الذي ردت به مهجته ورمق به نفسه، فأوجبها موجبون، وأباها آخرون. وفي مذهبنا القولان جميعا. ولا خلاف بين أهل العلم متأخريهم ومتقدميهم في وجوب رد مهجة المسلم عند خوف الذهاب والتلف بالشئ اليسير الذي لا مضرة فيه على صاحبه، وفيه البلغة).

(وإن كان الثاني- أي المخمصة العارضة- وهو النادر في وقت من الأوقات، فاختلف العلماء فيها على قولين: أحدهما- أنه يأكل حتى يشبع ويتضلع، ويتزود إذا خشي الضرورة فيما بين يديه من مفازة وقفر، وإذا وجد عنها غنى طرحها، قال معناه مالك في موطئه وبه قال الشافعي وكثير من العلماء).

(وقالت طائفة: يأكل بقدر سد الرمق، وبه قال ابن الماجشون وابن حبيب. وفرق أصحاب الشافعي بين حالة المقيم والمسافر، فقالوا: المقيم يأكل بقدر ما يسد رمقه، والمسافر يتضلع ويتزود، فإذا وجد غنى عنها طرحها، وإن وجد مضطرا أعطاه إياها ولا يأخذ منه عوضا، فإن الميتة لا يجوز بيعها).

(فإن اضطر إلى خمر، فإن كان بإكراه شرب بلا خلاف. وإن كان بجوع أو عطش فلا يشرب، وبه قال مالك في العتبية. قال: ولا يزيده الخمر إلا عطشا، وهو قول


(١) فى القاموس المحيط: والحريسة المسروقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>