شَيْئاً فَرِيًّا أمرا عظيما يا أُخْتَ هارُونَ أي: شبيهة هارون في العبادة ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا أي أنت من بيت طيب طاهر معروف بالصلاح والعبادة والزهادة، فكيف صدر هذا منك قال علي بن أبي طلحة قيل لها: يا أُخْتَ هارُونَ أي أخي موسى وكانت من نسله. كما يقال للتميمي يا أخا تميم. وللمضري يا أخا مضر».
أقول: ولم يزل النصارى يشوّشون على قوله تعالى: يا أُخْتَ هارُونَ.
وفي ذلك يروي الإمام أحمد والترمذي ومسلم والنسائي عن المغيرة بن شعبة قال:
«بعثني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى نجران فقالوا: أرأيت ما تقرءون يا أُخْتَ هارُونَ وموسى قبل عيسى بكذا وكذا؟ قال: فرجعت فذكرت ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: «ألا أخبرتهم أنهم يسمّون بالأنبياء والصالحين قبلهم».
وكلام الرسول صلّى الله عليه وسلّم يحتمل أن لها أخا اسمه هارون، ويحتمل أنهم سموها بذلك لقبا.
٩ - [تعليق النسفي على ما أمرت به مريم عليها السلام من القول]
قال النسفي تعليقا على ما أمرت به مريم من القول: فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا: وإنما أمرت أن تنذر السكوت لأن عيسى عليه السلام يكفيها الكلام بما يبرئ به ساحتها، ولئلا تجادل السفهاء، وفيه دليل على أن السكوت عن السفيه واجب، وما قدع سفيه بمثل الإعراض ولا أطلق عنانه بمثل العراض.
١٠ - [حديث حول الإيمان بأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه]
في الحديث الصحيح المتفق على صحته عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأنّ الجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل».
١١ - [ما قيل بمناسبة قوله تعالى وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ]
عند قوله تعالى: وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ يذكر ابن كثير ما رواه ابن جرير عن وهيب بن الورد مولى مخزوم قال: «لقى عالم عالما هو فوقه في العلم فقال له:
يرحمك الله ما الذي أعلن من عملي؟ قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه دين الله الذي بعث به أنبياءه إلى عباده» وقد قال العلماء في قوله الله تعالى وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ أن بركته هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أينما كان.
١٢ - [كلام ابن كثير بمناسبة آية فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ]
بمناسبة قوله تعالى: فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ قال ابن كثير: (أي